تأسيس قاعدة هيركي وأول عملية انصارية - 4 / فارس فارس 

الحلقة الرابعة

تأسيس قاعدة هيركي 28/7/1980

واول عملية انصارية مشتركة في قضاء العمادية ناحية ديرلوك 23/08/1980م.

استمر النقاش طويلا للتوصل الى قرار صائب, وبما ان ثلاثتنا اصبح مقتنع ان العملية فاشلة من الناحية العسكرية والعلمية فالمنطق يفرض علينا عدم الاشتراك, وبما انه لدينا الحق والصلاحية باتخاذ قرار عدم المشاركة وكذلك الانسحاب وقتما نرى ضرورة لذلك! اذن اذا لم نشترك معهم بالعملية, من الصعوبة البقاء معهم على الاقل من الناحية النفسية والمعنوية ويصبح من المنطقي ايضا, ان ننسحب من المفرزة, واذا انسحبنا يجب ان نقوم بذلك منذ الان ونتوجه الى لينك ونصل عين الماء الوحيدة فيها قبل الفجر على اقل تقدير!, وهذا يتطلب عبور نهر الزاب نفس هذه الليلة, والسؤال: كيف نعبر نهر الزاب المراهق هذا؟ قلت: هذه بسيطة! هناك من تعهد لمساعدتنا في ذلك سواء في عبور الذهاب او حتى المجيء!! قالوا: هل انت واثق؟ اجبت: نعم 100%!.

الحقيقة عندما كنا زبير وانا في بيت ابو رمضان الذي يقع في مقدمة القرية المشرف على جهة نهر الزاب, طلب منا وضع نقطة حراسة, وحينما حانت نوبتي لمدة ساعة, اصر رجب مرافقتي والبقاء معي لحين انتهاء الواجب! اسميت هذه الليلة, "ليلة الحراسة مع رجب", حيث تكونت منذ الدقائق الاولى عرى صداقة متينة, فتح لي قلبه فتحدثنا عن الحب والصداقة والاخلاص والدراسة والعمل (كان يعمل حمال في الشورجة في بغداد وقدم من هناك قبل اسبوع وسيعود اليها بعد ايام!), كما تحدث لي عن عائلته ابيه واخوانه وعن شخوص القرية ومعاناته معهم, كانت ساعة من الزمن الذي كنا نتمنى ان لا ينتهي!, لدفق المشاعر الانسانية الصادقة بيننا, ولازلت اتذكر جيدا كل حديثه وبريق عينيه (كان الليل مقمرا) وتهدج صوته, وطموحاته واحلامه, تحدثنا بكل شيء الآ السياسة, وكان احد النتائج التي توصلنا اليها, هو تعهده بمساعدة مفارزنا لاحقا بعبور نهر الزاب والاتفاق مع اخوته وابيه للمساعدة في حال عدم وجوده!, كما زودني بمعلومات كاملة عن مكان اخفاء الكلك وكيفية استعماله, وان يبقى هذا الاتفاق سري لا يعلم به احد, ولــ الكلك هذا قصة! كما لرجب قصة اهم!.

من الناحية العسكرية المنطق يقول يجب ان لا نشترك معهم في هذه العملية, ولكن عندما بحثنا الامر من الناحية السياسية والدعائية للحزب ولنا كأنصار قاعدة هيركي الفتية, وجدنا الامر مختلف, فعدم الاشتراك يعني خيبة امل لأهالي المنطقة بالدرجة الاولى والبيشمركة ايضا, الذين كانوا ينتظرون قرارنا بفارغ الصبر كما يبدو, حيث اثناء الحديث جاء عريف رشيد وطلب الحديث مع الرفيق صبري, يبدو انهم وافقوا على مقترحه لوضع مجموعة اسناد لتغطية طريق الانسحاب حيث لديهم رشاش متوسط اعتقد اسمه (برن الماني), لم يغير ذلك من الموقف العسكري كثيرا وخاصة يبدو انهم اختاروا المكان الخاطئ لاحقا ولم يطلق هذا الرشاش اطلاقة واحدة, وراينا ايضا ان عدم الاشتراك ستضع سمعة الحزب والانصار على المحك وستنطلق الدعايات والاتهامات بالجبن والهروب وستغذي اجهزة السلطة ذلك بالتأكيد, وستتعثر البدايات لعمل انصار هيركي في هذه المنطقة العذراء لاحقا, والتي يجب ان تكون البدايات خاصة بطولية وملهمة, المهم (بجمع وطرح) اتخذنا اخيرا قرار بالمشاركة رغم كل شيء خوفا على سمعة الحزب بالمنطقة, على ان يضغط الرفيق صبري ان يضعوا رشاش البرن لمشاغله الربيئة المسيطرة على مقر البعث الفاشي وان يضعوا للإسناد 4-5 رشاش ناتو, وعلى ان نكون نحن الثلاثة مع بعض وان لا نتلقى الاوامر الا من الرفيق صبري!  وان نكون ضمن مجموعة الهجوم على مقر حزب البعث الفاشي!.

الحقيقة ان الرفيق الفقيد هشام يزيدي (وبعد ان تحققت اغلب مخاوفه التي طرحها في اول لقاء مع مكتب الفصيل عند مناقشة هذه المهمة) اصر على ان لا نكون ضمن مجموعة ضرب او اعتقال رئيس الجحوش, حيث قال قد يذهبون الى شخص اخر او لديهم امور مرتبطة بخلافات عشائرية او يتصرفون مع العائلة بشكل سيء وكل ذلك لا يخدم الحزب ومستقبل عمله بالمنطقة, اما ان نكون مع بعض فهذا ضروري فقد يجرح احدنا او يتركونا او نخطأ بطريق الانسحاب فنكون معا افضل لنا, كما لا يمكن ان نتلقى الاوامر منهم, قائدنا بالهجوم هو الرفيق ابو حيدر صبري!. اما بصدد طلب وضع رشاش البرن لمشاغله الربيئة لم يتحقق!, اما بقية الشروط وافقوا عليها, وقبل كل ذلك اتفقنا على محاولة اقناعهم بتأجيل العملية والقيام باستطلاع اكثر دقة, وكون العملية سوف لن تحقق مبدا المباغتة الاساسي في حرب الانصار, للأسباب المذكورة, رفضوا فكرة تأجيل العملية بشكل قطعي.

انطلقنا نحو قرية (باوه او بي آوه) في مثل هذا اليوم 24/8/ من سنة 1980م مساءا, كان العشاء جاهز ومتميز!, حيث يبدو ان سكان القرية كانوا يعلمون بمجيئنا. توزعنا زبير وانا في بيت اقاربه واسمه كاكا حه مكو يعرف العربية بشكل متوسط وابنه جعفر كذلك حيث يدرس في المتوسط بمركز الناحية, حدثت مناقشات سياسية حول النظام الدكتاتوري ووحدة القوى المعارضة حيث تجمع عدد كبير من الشباب في بيته, واعطاهم زبير المنشورات وطلب منهم الصاقها في الناحية وفي العمادية, اصبح الشاب جعفر صديقنا لاحقا, خرجنا في الساعة الثامنة باتجاه قرية هاركي السفلى, خرجنا منها الساعة العاشرة والنصف مساءا باتجاه موقع العملية في الناحية التي لم تكن تبعد اكثر من ساعة واحدة عن قرية هاركي السفلى.

يتبع (...ومع الاعتذار للغالية ام اوراس!).