اخذت الحملات الإعلامية والدعائية للقوائم والمرشحين المتنافسين تتصاعد في بغداد ومحافظات الوطن، واخذت الشوارع والساحات تزدحم بالفلكسات، ما كبر منها وما صغر، كذلك اللافتات والملصقات والصور الشخصية. وهي جميعا تعكس الإمكانات المادية (المالية) لكل قائمة انتخابية او مرشح. ومن الواضح أيضا ان ضوابط ومعايير المفوضية عالية السقف، لا تشمل البعض “الطافر” الذي سبق انطلاق الحملات الانتخابية، فقام بشراء الكثير من الأصوات، واغداق الأموال والسيارات على المرشحين، وحجز الساحات والبنايات والشوارع لدعاياته مسبقا.

ولم يكن هذا الا متوقعا من كتل وعناصر هيمنت على السلطة طيلة العشرين عاما الماضية، وسخرت ذلك لخدمة مصالحها الشخصية والضيقة والانانية، وللاثراء الفاحش على حساب المال العام الذي ما زالت تستنزفه. والدليل على ذلك الاعلانات المتواصلة لهيئة النزاهة نفسها، والتي “تبشرنا” يوميا تقريبا، بان مليارات الدنانير العراقية إما سرقت، او وضعت اليد عليها، او أحبطت محاولات سرقتها. ولكن في جميع الأحوال هي لا تشير الى امل قريب في انخفاض نسبها على الأقل، او الحد من هذه ظاهرتها القاتلة، ناهيك عن ملفات الفساد الكبرى التي لم يقترب منها احد!

ألم يقل أحدهم بانه يمتلك ملفات لو كشفها “لانقلب عاليها سافلها”؟ ولم يكشفها حتى الان! والآخر يقول “بعظمة لسانه”: جئنا لنتقاسم ثروات البلد! وثالث يقر بانه “سارق”!. وجميع هؤلاء ما زالوا يصولون ويجولون، إضافة الى ما افرزته التطبيقات غير المفهومة لقانون العفو، والتي أدت الى شمول البعض مراتٍ عدة. هؤلاء وغيرهم ما زالت لهم دالتهم ودورهم في منظومة حكم المتنفذين.

في الجولات الانتخابية يؤشر المواطنون ذلك ويزيدون عليه، ويتساءلون عن جدوى المشاركة في الانتخابات بوجود هؤلاء وامثالهم، بل واساسا بوجود منظومة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت.

نقول بوضوح ويقين ان ترك هؤلاء لحالهم، وهم بلا وازع ولا رادع ذاتي، سوف يقود الى تماديهم اكثر. فلسان حالهم يقول “هل من مزيد؟”. هذه الحقيقة توجب ان يقطع الطريق على هؤلاء، وان يقال لهم بصوت عالٍ: كفى استهتارا بمصيرنا ومصير وطننا.

لقد آن الأوان ان يقول الناس، ونعني الغالبية المكتوية بنار الازمات، ان تقول كلمتها صريحة وواضحة بحق كل من تسبب في هذه المآسي والنكبات، وفي تبديد الثروات والتراجع والتخلف، وفي ما سببه نهجهم من فقر وجوع وامراض وعدم امان وغياب للاستقرار.

وحان الوقت ليعلن المواطنون رفضهم لهؤلاء ولمنظومتهم، ففي ذلك الخطوة الأولى المطلوبة والاساسية لتدشين حياة أخرى، يستحقها العراقيون جميعا وينتظرونها، بلا تمييز تحت أي عنوان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"الطريق الانتخابي" العدد 2 ص1

الخميس 16/ 11/ 2023