اجرت "طريق الشعب" حواراً مع الرفيق بسام الصالحي، الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني الشقيق، في مناسبة مرور عام كامل على معركة "طوفان الأقصى" وحرب الإبادة المستمرة على غزة.
أكد الصالحي خلال الحوار، أن الانتهاء من الاحتلال الصهيوني وقيام الدولة الفلسطينية بات قريباً، ورفض الحديث المجرد عن حل الدولتين دون تحقيق الدولة الفلسطينية كاملة السيادة، مشدداً على أن الأساس هو" تمكين الشعب الفلسطيني من إنهاء الاحتلال وإقامة دولته على حدود 1967 وعاصمتها القدس".
وشدد الصالحي أن ما يحصل حالياً هو من أجل فرض الهيمنة على المنطقة، ضمن ما يسمى لدى حكومة الاحتلال المتطرفة (مشروع الشرق الأوسط الجديد). وتحدث الأمين العام للحزب عن ضعف تضامن الشعوب مع القضية الفلسطينية، وذكر أسباباً عدة لذلك من بينها الهيمنة الإعلامية من قبل الإعلام الرسمي العربي فضلاً عن الإعلام الأمريكي والإسرائيلي.
وأشار الرفيق بسام الصالحي إلى أن حزب الشعب الفلسطيني، يدعم إعلان بكين، وقدم مقاربة سياسية تؤكد ان البرنامج السياسي الفلسطيني هو تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء الاحتلال وحق العودة، واستخدام ذلك في أي حراك سياسي او كفاحي.
طوفان الأقصى
جاء في سياق الرد على العدوان
طريق الشعب: اين تضعون ما حصل في ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ في سياق تطور القضية الفلسطينية؟
بسام الصالحي: إن ما حصل في 7 أكتوبر كان سببه الظلم المستمر الذي عانى منه الشعب الفلسطيني وكذلك تمادي الاحتلال في رفض حقوقه وفي إفصاحه المستمر وسلوكه الدائم الذي تدفع به الحكومة الفاشية نحو ما تسميه الحسم وهو التوسع الكبير في الضفة الغربية والقدس وكذلك ضم الأراضي والاعتداءات اليومية ضد الناس سواء بواسطة جيش الاحتلال أو المستوطنين، ورفض حكومة الاحتلال التعامل في أية التزامات دولية او أية اتفاقات أخرى، حتى تلك التي قامت بإبرامها خلال سنوات الاحتلال.
كما ان الأساس الآخر للاحتلال، هو العدوان والتوسع وإضاعة أي افق سياسي بل العكس جرى التمادي نحو حسم الصراع مع الشعب الفلسطيني باتجاه تصفية حقوقه الوطنية من جهة والتوسع بالتطبيع مع دول المنطقة العربية واعتبار ذلك بديلاً عن حل القضية الفلسطينية.
ويأتي طوفان الأقصى في سياق الرد على ممارسات الاحتلال، بغض النظر عن أية قضايا رافقته، وخاصة في موضوع المدنيين، لكن حكومة الاحتلال الإسرائيلي، استغلت كل ما جرى لتنفيذ جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير ووضعت ذلك مدخلاً إلى ما باتت تسميه بشكل صريح وواضح وهو بناء (شرق أوسط جديد) وتجلى ذلك في خطاب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة، وهذا المشروع عملياً لم يحصل في سياقه بحث حل القضية الفلسطينية ، بل حصل العكس في التجاهل الكامل لهذه القضية، وهو ما يحصل من تجاهل تام في مشروع هذه الحكومة المتطرفة، لكن الذي يحصل فقط، هو التوجه لتصفية القضية وهذا واضح في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة التي طغى عليها الوهم بالتطبيع بديلاً عن حل القضية الفلسطينية.
حكومة الاحتلال
تريد استمرار الحرب
طريق الشعب: مع كل الدعوات الإقليمية والدولية لعدم توسعة الحرب، لكن الاحتلال مدها إلى لبنان وارتكب جرائم، كما حصل في غزة، كيف تنظرون إلى ذلك؟
بسام الصالحي: إن عملية توسيع الحرب في اتجاه لبنان تأتي في سياق المشروع الأساسي الإسرائيلي، فلقد كان بإمكان الاحتلال ان ينهي كل ما تبع العدوان على غزة باتجاه وقف إطلاق النار، فقد أعلن الشهيد حسن نصر الله أكثر من مرة، أن لبنان تخوض معركة إسناد للشعب الفلسطيني وكذلك يعلن عن ذلك في اليمن وغيرها ولكن حكومة الاحتلال ناورت وراوغت في موضوع التفاوض لوقف إطلاق النار، وهي تخلت حتى عن ذات الصيغة التي طرحتها وتبنتها الإدارة الامريكية وتحولت إلى قرار في مجلس الامن، بعد ذلك تخلت إسرائيل عن ذلك، كونها لا تريد إنهاء العدوان والحرب، انما هي ارادت استخدام ذلك من أجل توسيع الحرب في المنطقة وبات ذلك واضحاً في ما اسماه نتنياهو الشرق الأوسط الجديد.
إن هذا المشروع هو مشروع امريكي – إسرائيلي، ويراد منه ان يكون لدى الأخيرة هيمنة أمنية وعسكرية، وان تصبح عنواناً للبلطجة بحجة حماية المنطقة وهذا المشروع صيغة أخرى لما سمي بـ الناتو العربي-الإسرائيلي. وهو مسعى لجعل الحلف قوة ضاربة أساسية، على ان تلتحق به عدد من دول المنطقة العربية طوعاً او ارغاماً بواسطة الهيمنة الامريكية – الإسرائيلية، ولذلك لم يتوقف العدوان وبات يتسع لمستويات أعلى ويمتد إلى دول أخرى بما في ذلك إيران ولذلك لا يصح القول ان إسرائيل وامريكا لا تريد توسيع العدوان، بالعكس هم يريدون ان تمتد الحرب على المستوى الإقليمي من أجل فرض الهيمنة بصورة سافرة. إن هذا المشروع لن يتوقف عند حدود الدول التي تعادي إسرائيل علناً مثل لبنان او العراق او اليمن ولكن هو ضد الشعوب العربية حتى المعتدلة منها، وحصل ذلك حينما تمادت إسرائيل ومست بالخطوط الحمر التي طرحتها مصر فيما يتعلق بمعبر رفح ومحور فيلادلفيا، وكذلك التحذيرات الأردنية التي لا تكف من الحديث عن مخاطر التهجير، ولذلك نحن نتحدث عن نية مبيتة إسرائيلية -أمريكية للهيمنة على المنطقة وهذا يأتي في اطار الصراع الدولي من أجل عالم جديد متعدد الأقطاب، وهذه الهيمنة من أجل تحسين أوراق القوة لديهما، في اطار هذا المشروع المتعدد الأطراف وعدم كسر هيمنة الولايات المتحدة على العالم بأسره.
تزييف الوعي أضعف التضامن الشعبي مع فلسطين
طريق الشعب: تواطؤ امريكي سافر، وموقف عربي -إسلامي رسمي مخجل، وحراك جماهيري لا يرتقي إلى مستوى الأحداث وتطوراتها، فعلى من الرهان؟
بسام الصالحي: التواطؤ الأمريكي سافر وواضح، والموقف العربي الرسمي مخجل وحراك الجماهير ليس بمستوى الاحداث على اعتبار ان الشعوب في المنطقة العربية تعيش تحت أجواء من القمع والملاحقة والضغوط الاقتصادية والمعيشية التي جعلت او تجعل التضامن العربي في أدنى مستوياته للأسف، ولكن إلى جانب ذلك هناك تزييف في الوعي يلعب دوراً في ضعف التضامن وهذا ما تشترك به الأنظمة العربية وإعلامها الرسمي، وهناك أيضاً هيمنة للإعلام الأمريكي والاسرائيلي الذي يريد ان يجعل القضية برمتها كأنها صراع بين محور ايران وإسرائيل، وفي ذلك تشويه للحقيقة.
نعم لدى إيران مصالح في المنطقة وهذا امر طبيعي لأي دولة تريد مد نفوذها، لكن القضية الأساسية هي ليست قضية إيران وإسرائيل، وفقاً لتفسيرات الاحتلال، بل هذا تهرب من القضية الأساسية وهي القضية الفلسطينية. وهنا لو افترضنا أن إيران تستخدم نفوذها في الموضوع الفلسطيني، فلماذا لا تستخدم إسرائيل حل القضية الفلسطينية من أجل وقف النفوذ الإيراني؟ إسرائيل لا تريد ذلك كونها تحاول الهيمنة على المنطقة بما في ذلك على إيران وهي ترغب بجعلها خاضعة كاملة، وذلك عبر استخدام التناقضات العربية – العربية او العربية – الإيرانية وبالتالي تصبح الحاجة أكبر لإسرائيل وأمريكا في المنطقة من أجل وضع كل دول المنطقة العربية وحتى إيران تحت مظلة الهيمنة الامريكية والإسرائيلية، وفي كلتا الحالتين سيكون ذلك على حساب حقوق الشعب الفلسطيني العادلة.
الأمر الآخر، أن الولايات الامريكية المتحدة، توظف البلطجة الإسرائيلية في خدمة مشروعها الأساسي، بحجة انها تعجز عن اقناعها في وقف الحرب على غزة، لكن في الحقيقة أن الاستراتيجية والمواقف واحدة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وهي تسعى إلى فرض الهيمنة، خصوصاً مع وجود تململ محدود حصل لدى بعض الدول الرسمية العربية بعد المصالحة الرسمية بين السعودية وإيران وميل السعودية لاتخاذ بعض الخطوات بشكل متوازن في علاقاتها الخارجية.
طرحنا مقاربة سياسية
لتنفيذ إعلان بكين
طريق الشعب: هل وجدت اتفاقية بكين بين الفصائل الفلسطينية طريقها إلى التنفيذ؟
بسام الصالحي: لقد كان إعلان بكين دون شك خطوة متقدمة، فمن حيث الشكل أكد على استمرار لقاءات القوى الفلسطينية بعد اجتماع موسكو، ومن حيث المضمون تناول الاتفاق قضايا كانت في السابق عائقا ولا يوجد اتفاق حولها، ولكن من الواضح أن الاتفاق لم ينعكس على الواقع بعد ولم يأخذ حيزه بالتطبيق لأن إصدار البيان المشترك بين الفصائل لا يكفي في تطبيق الاتفاق، انما يجب ان تكون هناك قناعة حقيقية في تنفيذ القضايا التي وردت في البيان وهذا للأسف غير موجود وغير قائم.
إن حزب الشعب الفلسطيني، يدعم هذا الاتفاق، ويدفع في اتجاه تحقيقه، وقد طرح حزبنا مقاربة سياسية نعتبرها أساسا يمكن أن يسهم في الوصول إلى بناء الإجماع الفلسطيني، تمهيداً لتطبيق المصالحة الفلسطينية وبشكل أساسي وجوهري، تقوم المقاربة على ان البرنامج السياسي الفلسطيني هو تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء الاحتلال عنها وحق العودة، ويجب التركيز هنا على جعل قضية الدولة هي أساس اي حراك سواء السياسي او الكفاحي او إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني خصوصاً وأن في موضوع الدولة تجاوزاً لاتفاق أوسلو وبالتالي أن منظومة النظام السياسي الفلسطيني الجديد يجب أن تبنى بالتجاوز على منظومة النظام السياسي القائم وكذلك في تعزيز منظمة التحرير وتوسيعها باعتبارها الجبهة الوطنية الواسعة التي تحقق هذا البرنامج، ونحن نحرص على تنفيذ أي اتفاق سواء كان اعلان بكين او اية نقاط نتفق عليها من أجل الإسهام والوصول إلى الصيغة النهائية وهي المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام وقطع الطريق لاستخدام هذا كذريعة في المخططات السياسية التي تريد ان تنال من هدف الدولة الفلسطينية والاستقلال الوطني بذريعة استمرار الانقسام بين القوى الفلسطينية.
نسعى إلى إنهاء الاحتلال
وتحقيق الاستقلال
طريق الشعب: هل نقترب ام نبتعد عن حل الدولتين؟
بسام الصالحي: نحن نقترب من استقلال دولة فلسطين وإنهاء الاحتلال وعندما تقوم دولة فلسطين وتكتسب سيادتها على أنقاض الاحتلال يصبح هذا هو حل الدولتين ولكن الحديث عنه حالياً، بمعزل عن تحقيق الدولة الفلسطينية لا قيمة له، مع الإشارة إلى أننا لا نرتاح للصيغة التي تسمى حل الدولتين بطريقة مجردة، نحن نقول إن ما مطلوب هو تمكين الشعب الفلسطيني من إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس وبالتالي عندما يتحقق هذا ، بالإضافة إلى حق العودة الذي هو مشمول في القرار 194 في الأمم المتحدة يكون بذلك قد تشكل الأساس الفعلي، وبناء عليه يكون هناك حل الدولتين، ولكن إذا بقي الحديث عن هذا المصطلح بصورة مجردة فهو تمويه عن رفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية ورفض تمكينها من إنهاء الاحتلال واستقلاها وسيادتها وهو نوع من المغالطة التي تستخدم، لذا نحن لا نميل لهذا المصطلح، انما نميل إلى أن القضية الأساس هي تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال وعندما يحصل ذلك يتحقق ما يسمى حل الدولتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة "طريق الشعب" ص7
الاحد 6/ 10/ 2024