الشيوعيون يستذكرون مسيرة الكفاح والفداء
أقامت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أمس السبت، حفلاً كبيراً لمناسبة "يوم الشهيد الشيوعي"، في قاعة نادي المهندسين بالعاصمة بغداد، بحضور حاشد من الشيوعيين وأصدقائهم وعدد من الشخصيات السياسية والناشطين الوطنيين.
وبدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت حدادًا على أرواح شهداء الحزب والحركة الوطنية، الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الشعب والوطن، مادّين جسورًا لعبور مواكب الكفاح الوطني والتاريخي.
ثم وجهت الرفيقة منال جبار عريفة الحفل تحية خاصة لعوائل الشهداء، مؤكدة تقدير قيادة الحزب العميق لتضحياتهم، ومنوهة بالحضور الحاشد، إذ حرص العديد من عوائل الشهداء في بغداد والمحافظات ومدن بعيدة على المشاركة في هذا الحدث.
فيما ألقى الرفيق ميعاد القصير كلمة اللجنة المركزية للحزب، والتي تحدثت عن مسيرة النضال، وتضحيات الشهداء من أجل عيش وكرامة الشعب العراقي، مؤكدًا أن تضحياتهم ستظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.
وهنا النص الكامل للكلمة:
ضيوفَنا الكرام الرفيقات والصديقات العزيزات..
الرفاق والأصدقاء الأعزاء
طاب نهاركم خيرا وسلاما..
نرحب بكم باسم اللجنة المركزية لحزبنا الشيوعي العراقي، ونعبر عن امتناننا على مشاركتكم لنا في إحياء يوم الشهيد الشيوعي، الذي يصادف يوم الرابع عشر من شباط من كل عام.
في كل عام نستذكر، بفخر، ذلك الهتاف الذي أطلقه مؤسس حزبنا الرفيق الخالد فهد: الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق. وهو هتاف ساطع كنجم، مثل قائله، ينير الدرب الذي سار فيه الشهداء، وسائر الشيوعيين والثوريين، وهم يحملون رايات التحدي والمسير الظافر.
إن احتفاءنا بهذا اليوم ذو دلالات عميقة، إذ نستذكر فيه شهداء حزبنا والمآثر التي اجترحوها والأمثلة الملهمة التي قدموها، ونجدد عهد الوفاء لهم، والاعتزاز بعوائلهم التي أنجبت خيرة مناضلات ومناضلي شعبنا ممن ضحوا بحياتهم في سبيل قضيتنا العادلة وغاياتنا السامية.
إن أمثولة الشهداء تؤكد طائفة من الحقائق الساطعة في تاريخ بلادنا: حزب شيوعي هو حاجة وضرورة تاريخية، وفكر يأتلف فيه الطبقي والوطني، ودفاع عن مصالح شغيلة اليد والفكر، وعن حق الأمم في تقرير مصيرها، وعن حرية المرأة وحقوق الانسان، وتجسيد لثقافة التنوير، ودعوة للتسامح والتعايش السلمي والتنوع الثقافي، وتعبير عن روح التضامن الأممي، وسعي الى إقامة الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
ولعل أبلغ درس قدمه فهد وسلام عادل وقوافل شهيدات وشهداء حزبنا، وبينهم شهداء العمل السري وأقبية التعذيب والسجون والاغتيالات، شهداء حركة الأنصار وانتفاضة تشرين، وكل سوح الكفاح الثوري، يتجسد في حقيقة أن أفكار الشيوعية عميقة الجذور في مجتمعنا، وأن اولئك الذين توهموا أن بوسعهم اقتلاعها لم يكن مصيرهم سوى لعنة التاريخ ومزبلته، بينما ظل الشهداء نبراسا في وجدان الشعب، يسترشد بسيرتهم الملهمة كل الساعين الى الحرية والعدالة والمستقبل الوضاء.
أيها الحضور الأعزاء
لا ريب أنكم تتابعون، بقلق واهتمام بالغين، تطور الأوضاع في بلادنا، حيث تتفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية البنيوية، ومعها تتفاقم المعاناة المريرة للملايين من أبناء شعبنا. وارتباطا بحقيقة أن العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والاثنية أفضت الى طريق مسدود، وان منظومة الحكم المنبثقة عنها أخفقت في بناء دولة مدنية ديمقراطية ، وأدى نهجها الى تفاقم الأزمات والمآسي، ارتباطا بهذه الحقيقة بات التغيير الشامل ضرورة تفرضها أزمة البلاد العميقة، والتحديات الكبيرة التي شهدتها وتشهدها المنطقة وتداعياتها المحتملة.
إن إنقاذ البلاد من أزمتها المستعصية، والمحن التي تطحن رحاها الملايين، ومن حكم الأقلية الأوليغارشية الذي يصادر إرادة الشعب ويؤبد منظومة احتكار السلطة السياسية، لا يمكن تحقيقه الا عبر التغيير السياسي والاجتماعي العميق.
ومن المؤكد أن التغيير الذي يتطلع اليه شعبنا ويدعو حزبنا الى تحقيقه يستند الى مشروع وطني ديمقراطي يستهدف منظومة الحكم ونهجها القائم على المحاصصة والفساد. وإن حزبنا يجدد دعوته لسائر القوى الديمقراطية والوطنية الى إطلاق حوار واسع يستهدف إعادة النظر جذريا بالعملية السياسية وما وصلت اليه من استعصاء، وخلق الظروف التي تمهد الطريق لقيام الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
أيها الحضور الكرام
اليوم نجدد العهد للشهداء، والتبجيل لبطولاتهم، والتمسك بأمثولتهم..
اليوم تضيء مصابيح الشهداء دروب الكفاح، ويرفع الشيوعيون رايات التحدي ومشاعل الأمل، وهو يمضون في الطريق نحو الوطن الحر والشعب السعيد..
وشهد الحفل أيضا إلقاء كلمة عوائل الشهداء، من قبل الرفيق أبو هند، نيابة عن عائلة الشهيد عبدالله وديع جرجيس من محافظة نينوى، والتي أشارت إلى ان تضحيات الشيوعيين كانت بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية، لافتا إلى أن محافظة نينوى قدمت العديد من الشهداء، من بينهم الشهيد عبدالله وديع، الذي أعدمه النظام السابق.
كما أكدت الكلمة على ضرورة مواصلة نهج الحزب في النضال من اجل وطن حر وشعب سعيد، مشددة على أن الحزب سيظل متميزا دون غيره في سعيه نحو التغيير.
وكرّمت قيادة الحزب في الاحتفال عددا من عوائل الشهداء.
وفي الفقرات الفنية، ألقى الرفيق مسلم عوينة قصيدته الشهيرة "القائد الأسطورة"، التي ألقاها أول مرة في عام 1965 في الحفل الذي أقيم في الموقف العام ببغداد لمناسبة الذكرى الثانية لاستشهاد الرفيق الخالد سلام عادل ورفاقه الأماجد، والتي مستهلها "باق قلب العراق بالوعي حتى اضاء.. باق ترابك باقي يا فهد يأبى الفناء". تلتها قصيدتان للشاعرين الشعبيين ميثم الطفيلي وحيدر جليل، حيث لاقت القصائد استحسان الحضور.
والى جانب ذلك، شهدت قاعة النادي معرضاً لصور شهداء الحزب من سنة 70 وحتى 73 مع توثيقات لقصصهم البطولية الملهمة.
واختتم الحفل بوصلات غنائية للمطرب وعازف العود علي البابلي، الذي قدّم مع عازف الإيقاع علي خيون ثلاث أغنيات وطنية، كان آخرها أغنية "صويحب"، التي أضفت أجواء من الفرح والفخر في الحفل.
ويعد "يوم الشهيد الشيوعي" مناسبة سنوية للاحتفاء بتضحيات الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الحرية والعدالة الاجتماعية، ويُعتبر الحدث فرصة لتجديد العهد بالقيم التي ناضل من أجلها الشهداء.