في موضوعة مهمة أستضافت الجمعية المندائية في ستوكهولم الاستاذ سامي المالح لتقديم محاضرة عن كتابه الذي صدر مؤخرا وهو بعنوان: ((التفكير النقدي في عصر الذكاء الاصطناعي خيار تربوي وضرورة مجتمعية)) وذلك يوم الجمعة 15 آب/ أغسطس 2025 ، وهذا العنوان للكتاب تبرز أهميته الراهنية حيث تمر البشرية في منعطف كبير سيغير كثيرا نمط وحياة البشرية، وسرعان ما يتطور الذكاء الصناعي أكثر وبسرعة، وستكون حياة أجيالنا القادمة مختلفة عن نمط حياتنا بكل شيء، سيبقى فقط العمل والتكنلوجيا، وستلغى العديد من المفاهيم السائدة والتي كانت أو مازالت موجودة، لذا كان الحضور كمي ونوعي وجمهور مهتم من أبناء الجالية العراقية في السويد، بدأت الأمسية بالترحيب بالجمهور والمحاضر من قبل الأستاذ فرات المحسن الذي أدار الجلسة، والذي استعرض نبذة مختصرة للتعريف بالاستاذ سامي المالح، ثم مداخلة حول كتاب المحاضر، جاء فيها...أخذ العالم يدرك التقدم الهائل الذي يكتسب ويتم إحرازه في مجال الذكاء الصناعي، فهو نقلة نوعية كبرى في عصر المعلوماتية، ويتقدم سريعا في مجال الابتكارات العلمية وبدأ يتفوق في بعض الأحيان والمجالات على التفكير البشري، بالإضافة لقدراته البالغة على حل المعضلات العلمية والحسابية، ومن الجائز مستقبلا خلق كائنات رقمية تتفوق في ذكائها على الإنسان، عن هذا التقدم المتسارع يوجز لنا الأستاذ المالح رأيا حصيفا ودقيقا حين يقول: بالرغم من التوظيف والاستخدام العلمي النافع والمتعدد الأغراض الذي يقدمها الذكاء الاصطناعي، فالاستخدام هذا يحتم الانتباه والإدراك بان الذكاء الاصطناعي ليس بالضرورة أن يكون مثاليا والسبب لهذا الاستنتاج الذي وصل إليه الأستاذ سامي هو: إن هذه التقنية تعتمد أساسا على الخوارزميات والبيانات التي تقدم له من قبل البشر والتي من الممكن أن تكون تلك المعلومات منحازة وغير دقيقة مما يؤدي إلى مزالق ومطبات وتضليل يؤثر على نمط الحياة البشرية المختلفة ومنها مثلا القيم الأخلاقية...، ومن هنا يؤكد السيد بهنام على أن التفكير النقدي يصبح في هذه الحالة ضرورة قصوى وحاجة ماسة لمتابعة ومراقبة الابتكارات وما يرافقها من نتائج ومحدثات، هذا المدخل هو محور كتاب السيد سامي بهنام، أي التبادل والتقارب والانتفاع والتضاد بين الإنسان وتاريخه ووجوده وحيثيات حياته مع مبتكره العلمي التقني المسمى الذكاء الصناعي، لذا كرس السيد سامي الباب الأول من الكتاب في البحث عن طبيعة التفكير عند البشر، وفي الفصل الثاني من الباب الأول من الكتاب للبحث في أصول وجذور التفكير النقدي وصلاته المباشرة بالعلوم الفلسفية والنفسية والاكتشافات العلمية. ثم عرج في فصل الكتاب الثالث على ماهية التفكير النقدي تعريفا ومناقشة، وفي الفصل الرابع يشرح أهمية وضرورة التفكير النقدي ودوره في الابتكارات ومعالجة البحوث العلمية من منظور نقدي، ثم يذهب في الفصل الخامس لتقديم نماذج توضح وتفاعل مكونات التقنيات والتفكير النقدي. أما الفصل السادس فيتطرق فيه جانب تعريف وبناء مفهومي الحجج والمغالطات في التفكير النقدي. ويستمر في شرح المفاهيم والمصطلحات العلمية والقيم التي جاءت في كتابه لتقريبها للقارئ عبر تفصيل بابين آخرين وبمحتوى فصول عديدة، يشرح فيها نقد النظريات وطريقة المسوحات والاستبيانات ويوضح لنا ما هو الذكاء الاصطناعي وأنواعه ومستوياته. يضم الكتاب أكثر من 254 صفحة من القطع المتوسط توزعت على ثلاثة أبواب، الكتاب غني ودقيق في محتواه ويذهب بتفاصيل دراسية بحثية يلامس فيها مستوى الرابط المتنامي والدقيق بين التقنيات العلمية والطبيعة البشرية وفلسفة الحياة ومستقبل البشرية، ونوع المواجهات الحتمية لمثل هذه التغيرات المتسارعة، وكيف يتم للبشر إمساك الحقائق وتطويرها وتطويعها ولملمة ما يمكن التحكم بها والسيطرة على انفلات مرتقب للتقنيات ربما إن حدث فيكون في نتائجه وبالا على البشرية.
ثم وجهت له أسئلة حوارية تتعلق بمحتوى الكتاب.
وخلال الحوار تحدث سامي المالح عن مؤلفه، حيث تناول طبيعة الكتاب والضرورة على تأليفه في هذا الوقت، فتحدث عن طبيعة التعليم والذكاء الاصطناعي التفكير النقدي، وكيف تطور، كما تناول ما جاء في الكتاب من تعاريف ومصطلحات ومساره العام، فهو كتاب علمي أكاديمي تخصصي تربوي، وتناول استدلالاته في مفاهيم التعليم والسلوك الإنساني أو التدقيق النقدي للطرق والأساليب في البحث العلمي، من مثل التعلم الآلي، التعلم غير الخاضع للإشراف، والذكاء الاصطناعي في التعليم والمدرسة، وأستعراض رؤاه من طبيعة التفكير وأنماطه وجذوره ودلالاته، وتوسع في تناول أهمية مفهوم التفكير النقدي من خلال العديد من الأمثلة، ثم تناول التطورات والتحولات الواسعة للتقنيات واستخدامات الذكاء الاصطناعي في مجالات الحياة المختلفة، كالطب والتعليم والتصاميم الهندسية والحلول للمعضلات الاجتماعية والتفكير، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات، من خلال التقنيات والشبكات العصبية، لتمكين الآلات من أداء مهام كانت تتطلب ذكاءً بشرياً سابقاً.
تم توجيه العديد من الأسئلة والمداخلات من قبل الحضور وقد أجاب عليها المحاضر.
في الختام قدم الأستاذ فاضل ناهي رئيس الجمعية المندائية باقتي زهور إلى الأستاذين سامي المالح وفرات المحسن مع الشكر لجهودهما، كذلك قدمت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد باقة ورد للمالح، وكذلك قدم العديد من الحضور باقات الورد مثمنين جهود الأستاذ سامي المالح في هذه الموضوعة المهمة، حيث يمكن القول بأن الذكاء الصناعي سلاح ذو حدين، كما الديناميت، فيمكن ان يكون مدمرا وعاملا جديدا للسيطرة والهيمنة على الشعوب أو عاملا مساعدا لتسهيل حياتهم وحل مشاكلهم في عدة مجالات..