صاغ أبن محلة باب الشيخ المؤرخ الفوتوغرافي الفنان كفاح الأمين رواية بصرية مذهلة للمدينة، هادفا تقديم الحقائق وقراءة الماضي، لكي لا نعيش المستقبل بطريقة جلد الذات إنما بمراجعة وثائقية دقيقة من أجل التقويم. ووفق هذا المبدأ أعد الأمين "موسوعة يوميات بغدادية" 9 أجزاء ثمرة جهود 7 سنوات متواصلة وقيادة فريق مؤلف من 13 باحث وفوتوغرافي،  بمناسبة مئوية الدولة العراقية.

وواصل جهده بدأب نملة وبصبر أيوب ليصوغ "مشروع يوميات 14 تموز إلى 8 شباطـ من عام 1958- 1963 " راصدا التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية الهائلة للمجتمع العراقي خلال 1666 يوما من عمر الثورة، بوثائق مطبوعة وبصور فوتوغرافية جمعها اعتمادا على محتويات مراكز البحوث والمتاحف ومن مصادر مختلفة، بعيدا عن وسائل التواصل الحديثة وما يقدمه الانترنت من معلومات إلا بحدود الإرشاد لأماكن المصادر وكيفية الحصول عليها.

جديد الأمين الأمين صدقا لأصالة الثقافة العراقية وتقديم ما يليق بها للعالم، إرساله للمطبعة مشروعا مؤلفا من 5 مجلدات بواقع 2500 صفحة يتناول قضية الأنصار الشيوعيين وكشف نضالاتهم وتفصيلات حياتهم اليومية في كردستان العراق للفترة من عام 1979-1991. خصص الأجزاء الثلاثة الأولى منها للشهداء المقاتلين بالجبال، بينما تناول في الجزئين الآخرين نضالات مقاتلي البيشمركة في أطراف المدن ضد جند النظام الدكتاتوري المنهار ومرتزقته " الجحوش".

الجميل في الأمر رغم مرارة فقدان الشباب وتضحياتهم العظيمة من أجل اسقاط النظام الدكتاتوري، هو محاولة الأمين إعادة صياغة حياة جديدة لهؤلاء الشباب "منهم بعمر 16 عاما، وأثنان من أسرة واحدة " احتفاء بهم وليس نعيا لهم بالطريقة التقليدية. مقدما وثائقا وصورا ملونة لهم ولأفراد أسرهم موثقة عبر 250 شهادة عينية من رفاقهم الذين مازالوا على قيد الحياة. والمشروع كله اعتمد شهادات الأنصار حصرا ممن شاركوا في الحروب وشهادات أسرهم.

الجزء الرابع تضمن مواد تتناول تأسيس  قواعد الأنصار وذكريات المقاتلين، وعمل الأمين مايسترو لقيادة هذا المنجز الكبير عبر فحص وتمحيص كتاباتهم وترتيبها ضمن الفترة الزمنية من 1982- 1990 . كما تناول موضوع بشتاتان بكثير من التفصيل باعتباره نصيرا مكافحا، معتمدا شهادات المقاتلين إلى جانب الصورة الفوتوغرافية الملونة الملتقطة من قبله، التي كان قد خصص لها كتابا مصورا صدر في العام 2001 من مطبعة ألمانية .

الجزء الأخير تناول كفاح النصيرات وعالم الثقافة، مبينا نشاطات الإذاعة وطباعة الصحف وأدارت الندوات وعروض المسرحيات التي تجاوزت عروض المسرح الرسمي آنذاك بعدد 130 مسرحية .

يرد هذا المشروع جزءا من الوفاء لأكثر من ألف شهيد، و للذين مازالوا على قيد الحياة ممن سيروا أنفسهم فيه قبل فوات الأوان، فضلا عن كونه وثيقة قيمة للباحثين تكشف نشاطات الأنصار السياسية والعسكرية والثقافية.

النصير الشيوعي العدد 17 السنة الثالثة كانون الأول 2023