ذكريات .... عن ايام الشباب والنضال ...الحلقة الرابعة/ ابو زياد هاني

كان مساء يوم الاثنين الموافق 5 شباط  ليس كما المساءات الاخرى بالنسبة  للعزيز ابوجرير. كان مساء  سعيدا و جميل . فرح به  فرحا عظيما , وفرحنا له  ... بعد العشاء ونحن باتجاه  الفندق كان الشارع معتم  قليلا وخالي  من المارة . عبر علينا  رجل  من الجانب الثاني وتوجه الينا بسرعة ...... صاح  ابو جرير ,,حبيبي ,, وتعانق الرجلان .. كان اخوه  الدكتور فايق البادي  ومعه صديقه  الجزائري صالح .. بعدها  سلم علينا  وذهبنا معا الى الفندق  رفض صاحب الفندق دخولهم بسبب عدم وجود اماكن شاغرة  .. جرى حديث معه وتم الاتفاق  على ان ينام  الدكتور وصديقه صالح بغرفتي , وانا انام مع  ابو جرير  والشاب الاخر .. سمح لهم بالدخول واظن انهم دفعوا له بعض المال .. جري حديث طويل عن وضع العراق وكيف غادر الكثير من الناس الوطن بسبب الوضع السياسي وهجمة البعثيين على  الشيوعيين والديمقراطيين وغيرهم . بعدها اعتذروا  عن مواصلة الحديث  فانهم سيغادرون  يصحبهم ابو جرير غدا في الصباح الباكر...غادرنا  العزيز ابو جرير مع اخيه ولم التقي معه بعدها ابدا .. لقد حزنت كثيرا لفراقه  فقد كان لي الاخ والصديق , كان اهلي ,, ولكن تركي الفندق وذهابي الى  الاقسام الداخلية قد خفف بعض الشيء من آلامي واحزاني لفراق ابو جرير  .. فقد ابلغني الرفيق سلام  ان  يوم 6  شباط سيكون انتقالي الى بن عكنون . كنت محرج كثيرا من ذلك  , ماذا ساقول لابو جرير ساعة  تركي الفندق  , لكن وصول الدكتور فايق انقذ الموقف  وسارت الامور بسهولة ويسر . اعتذرت من الشاب الذي كان معنا  وودعته  وخرجت من الفندق  قبل الظهر ( ذكريات  هيجت اشجاني  وذكرتني بناس  احبهم ولهم فضل عليّ  ولا اعرف مصيرهم ولم اسمع عنهم.  )..كان الرفيق سلام بالانتظار ومعه شخصين  عرفني على الاول فهو الرفيق العزيز ابو مي ( ابو حازم ) قال سلام هذا الرفيق سيكون معك في القسم الداخلي  اما الشخص الاخر  فهو ,,علي ’’ الرفيق علي من الحزب الشيوعي اللبناني . سيرافقنا الى الاقسام الداخلية .... ركبنا الباص الى بن عكنون.. التقينا هناك  بالشباب الاربعة اللذين رأيتهم في المقهى  ساعة وصولنا من المطار ..  الرفيق ابو دجلة والرفيق قاسم عبود وعلاء السامرائي  وعبد الرزاق غافل .. كانوا ينتظرون  سلام .. بعد السلام جرى التعارف  .. قال سلام  سيبقى قاسم معكم . اما البقية  فلديهم مكان اخر .. عرفت بعدها انهم سيسافرون الى  مدينة اسعيدة  ويقيمون مع  الفنان عدنان يوسف  فهو يعيش هناك . عدنان انا اعرفه من ايام  الكلية .. دخلنا  الغرفة  كان فيها  اربعة اسرة وادوات طبخ وصحون  وكاسيتات ومسجل  وكثير من الحاجات الاخرى .. اما الطلاب اصحاب هذه الغرفة فهم رفاق  من الحزب الشيوعي اللبناني وهم في لبنان لقضاء اجازة نصف السنة.. وجودنا هنا موقت لحين عودتهم .. قال  الرفيق علي  بامكانكم استعمال  كل شيء هنا  ووضع كاسيت  بالمسجل ... وكانت المفاجئة .. مارسيل خليفة يغني ...لم نسمع به من قبل , انا على الاقل .. من هذا ؟  هذا مارسيل خليفة  !... كان جميلا  .. سمعناه عشرات المرات  وحفظنا اغانيه  انا والعزيز قاسم .. كان لقاسم صوت جميل ,,ايضا ’’ ولازلت احفظها ....!!!

غادر الرفيقان سلام وعلي المكان .. بقينا هناك ايام  , وكنا سعداء . هناك تعرفنا  على الرفاق كامل الركابي  ,ابو رعد’  والشهيد  ابو بسيم  ,رعد مجيد’  . كان يقيمان في البناية المجاورة .. كنا نلتقي دائما  واصبحنا اصدقاء  من يومها ....

كنا نذهب  انا والرفيق ابو حازم الى  الوزارة من اجل الحصول على عمل  .. واخيرا نجحت مساعينا  وحصلنا  على عمل كمعلمين في مدرسة متوسطة  في , تمنراست ’ بعد ان دفع ابو حازم 100 دولار رشوة ... ما كنا نعرف  اين تقع ,تمنراست ’ لكننا وافقنا سريعا واخذنا الامر الاداري بالتعيين وكان ذلك يوم 12  شباط 1979  ....طرنا من الفرح  . واخبرنا  الرفيق سلام  . فرح  لفرحنا . سالنا اين تقع هذه المدينة قيل لنا في الصحراء  فهي تبعد عن الجزائر العاصمة 2000 كم بالتمام , قيل انها حارة جدا  وصحراء  وسكانها الطوارق  .. قلنا  لا باس  لا يهم   .. المهم ان نحصل على عمل  لنعيش ونخفف على الحزب , وننتظر قراره .. حصلنا على بطاقة السفر والذي سيكون بالطائرة طبعا  يوم 17 شباط .. قيل لنا ان رفيقين اخران سيكونان معنا  , هما  الفنان سعد جهاد عطية  والاخر اسمه صاحب  على ما اظن .. التقينا بهما وتعرفنا .. كما ان الرفيق الشهيد عبد المطلب ,ابو سعيد’  سيسافر معنا  بنفس الطائرة لكنه سينزل في  مدينة ورقلة حيث عمله الجديد ...اتفق معنا  الرفيق سلام  ان  يبعث لنا ما يصل من الحزب من وثائق واخبار عن طريق البريد واعطانا  رقم حساب نبعث عليه  الاشتراك الشهري ... وبقينا ننتظر  يوم 17 شباط  1979 ...... يتبع...