كانت ... قصة شهرين من حياتي  ..!21 / هاني ابو زياد

14 اب – 14 تشرين اول 1988...21                                                              

صباح يوم 27 ايلول 1988   استيقظ الرفاق قبل الشمس كالعادة  وانا ايضا  . استيقظت مرتاحا , نشطا بعد ليلة هادئة دافئة على دوشت وبطانية , فلم انم  ليلا  لاكثر من اسبوع , ولم انعم  بالدفئ . كان الليل للمسير والحركة  , ونوم النهار لا يفي بالغرض . بعد الفطور جاء خبر عن وصول مفرزة قادمة من الدشت تحمل بريد , كما ان الرفيق ابو سلوان والاخرون عادوا من الدوسكي , وطلبوا لقائنا انا ومنار والرفاق  ابو ناتاشا وابو سعد وابو بسام  ..طلبونا  بالاسم  . كانت مصادفة جيدة  ان نصل بوقت واحد , لو تاخروا  لما لحقوا بنا  . ذهبنا الى مكان اللقاء  . كان هناك الرفاق ابو سلوان , الفقيد ابو الندى ,الند و  كريم  .عاد  هؤلاء الاربعة  فقط بعد ان ذهبوا  يوم 9 ايلول 1988 وكانوا  عشرة .. كانت لهم قصة غير كل القصص وقد كتبها الرفيق ابو الطيب  عندما  كنا في ايران , اغاظت الفقيد ابو الندى ..اما المجموعة الثانية فكانت من 3 رفاق قدموا من الدشت ولديهم رسالة من قيادة الفوج . والرفاق  زيا وابو تحرير (سربست ) ومخلص  (الكبير ).  سلمني الرفيق ابو سلوان الرسالة , وقال هذه من القيادة  . قلت ساقرئها بصوت عالي  ليسمع الجميع ,, لا اعرف من كتب الرسالة  فهي مذيلة بتوقيع قيادة المحلية . ’’وقد تظمنت الامور التالية  انقلها  بتصرف . بعد التحية ,, كان من الصعب علينا الاتصال بكم بالاسلكي لاننا نخشى ان ينكشف مكاننا  فالجيوش تحيط  بمواقعنا وهي قريبة ,, اذا عاد رفاق  من المفرزتين , الدوسكي  والعمادية ولديهم طريق انسحبوا معهم  ,, وان لم يعد احد او انهم عادوا بدون  طريق ابعثوا لنا الاسماء التالية مع الرفاق زيا وسربست ومخلص  (هناك قائمة بحدود 17 رفيق منهم ابو سعد ابو ناتاشا ابو طويلب ابو الفوز وعدد اخر من الرفاق ) .. اما ماتبقي  فيكون الرفيق ابو بسام مسؤول عنهم ويتجولون في كارة حتى  نبعث لهم .. كان الرفيق ابو بسام يجلس على يميني , عندما سمع اسمه والمهمة انتفض غاضبا رافضا  المهمة ..ا لتفت اليه وقلت له لماذا ترفض شيء سوف لن يكون ؟ .. الم نتفق على الرحيل غدا ؟....كما ورد ايضا بالرسالة ضرورة تجهيز بعض الاوراق وغيرها كلف بها الرفيق ابو سعد . انتهت الرسالة .. بعدها قلت مخاطبا الرفاق الجدد لدينا طريق وسنغادر كارة غدا , ويخير الرفاق  بين الذهاب معنا  او الذهاب الى الدشت مع  زيا والاخرين ..وصل الخبر الى الجميع . فضل البعض  الذهاب الى الدشت  بالرغم من وجود طريق الى الحدود تحت شعار ,, تواجد قرب القيادة تنجو ’’.. تردد الرفيق الفقيد  ابو الندى بين الذهاب الى الدشت او مرافقتنا الى الحدود وسالني عدة مرات ان كنت متاكد من ان هناك طريق اعرفه ويمكن ان نصل من خلاله !؟ . قلت نعم .. كتب الرفيق ابو سلوان رسالة الى القيادة وكتبت انا ايضا رسالة الى الرفيق توفيق  واصفا الطريق له , فهو يعرف المنطقة ايضا وعمل بها سنوات كامر للسرية  الخامسة .. واتفقنا معهم على ان يوم 14 تشرين الاول سيكون اخر يوم ينتظر به الرفاق الادلاء مخلص وجهاد هنا الرفاق العائدون من الدشت ان لم تتوفر لهم امكانية العبور الى اي مكان اخر .. كما ان الخطة تغيرت فسوف ياتيي الجميع مرة واحدة بعد ان ذهب عدد من الرفاق  مع زيا الى الدشت  , واستبدلت مهمة الرفاق مخلص وجهاد  بانتظار من ياتي من الدشت واصطحابهم الى الحدود ..عند ساعات العصر ودعنا الرفاق زيا وسربست ومخلص  يرافقهم مجموعة من الرفاق الى الدشت . نحن البقية التحقنا بمجموعة الرفاق عند مكان تواجدهم . وبدئنا نجهز الخبز للطريق  .. اقترحت عليهم ان نحمل معنا حليب فهو سهل الحمل خفيف ومغذي ويمكن اذابته بالماء البارد بسهولة .. كان لدينا حليب نيدو و معلبات ...لا اعرف ان كان احد عرف ان الشهيد .. هو ابو ايار وليس ارام  ام لا  من الرفاق  زيا وسربيت ومخلص . انا شخصيا عرفت  في ايران . كما ان الرفاق العائدون من الدوسكي قصوا حكايتهم . كيف افترقوا عن الاربعة الاماميين ؟ وكيف  سلم الشهداء ؟ وكيف كانت معاناتهم خلال هذه الفترة لحين وصولهم الى كارة  ؟.. انتهى يوم 27 ايلول 1988 بسلام نمنا  ليلتنا بهدوء وبدات الاستعدادات للسفر يوم 28 ايلول 1988 . جهز الرفاق ما يكفي من الخبز  وخبئوا الارزاق والفرش واواني الطبخ .. كان الرفيق الفقيد ابو سنية (سناء ) خدمة رفاقية ذلك اليوم واراد ان يكون الغداء الاخير تبسي و رز . الخضروات كانت متوفرة بكثرة من مزرعة الرفيق ابو خضر . من طماطة وباذنجان وبصل وغيره... كنت مستلفي تحت شجرة وانظر اليه ... كان الفقيد  يقطع الطماطة الواحدة  الى نصفين  نصف   بالجدر ونصف الاخر بفمه . صحت عليه ,,, شنو القضية خالي مو خلصت الطماطة ’’’ ضحك وقال ,,,ها انت تعاين عليّ ,, هواي شخلصهن ’’’ كان شخصية جميلة ومرحة  لروحه السلام ...  بعد الغداء  اجتمعنا وطلبت من الرفاق ان يدفنوا الاسلحة الزائدة ونكتفي  بخمس رفاق مسلحين , انا , منار ,مخلص ورفيقين اخرين . طلبت من الرفيق فياض ان يحمل سلاح اعتذر لانه مريض وقال اخشى ان لا اقوم بواجبي بشكل جيد  , طلبت من الرفيق ابو فاتن وافق .. وكذلك الرفيق ابو عشتار .. وافق يضا  . كان ترتيب المفرزة  ... انا في الامام  يسبقني الرفاق منار ومخلص  بمسافة غير بعيدة ,, اراهم  و يسمعوني ’’  كاستطلاع ونحن نسير والقفل الرفاق ابو فاتن وابو عشتار ..وكل رفيق يعرف من الذي امامه ومن خلفه .. واذا تعرضت المفرزة من الامام الى اي طارئ  يسحب الرفاق القفل المفرزة بالسرعة والعودة الى المكان الذي انطلقنا منه .. كانت المفرزة ثقيلة بها رفاق كبار السن واخرين مرضى .. قبل المغرب  تحركت المفرزة باتجاه طريق النزول من كارة الى قرية بليط  .. تبعتنا  البغلة السودة الصغيرة ( هذا اسمها ) الى هناك  بعد ان حررناها من ( الكرتان  والرشمة ) لتكون طليقة حرة لوحدها  في كارة .,, تركناها وحيدة بعد ان عاشت معنا  سنوات طويلة ’’..  كان ذلك عشية  28ايلول 1988  وهو اليوم الذي تركنا به كارة العظيم  الى الابد .. ( على الاقل انا )  لن انساه  ابدا مهما طال الزمن  .., فله فضل علينا كبير احتمينا به وعشنا فيه كان كما الام بحنانها والاب برحمته وعطفه ..       

 ضمت المفرزة كل الطيف العراقي  من الجنوب الى الشمال , من الشرق الى الغرب . كنا من كل القوميات والاديان  بجميع  طوائفها  والوانها . كانت بحق عراق مصغر .. كان عددنا 34  رفيق  من مختلف الاعمار ومختلف المؤهلات والشهادات , جمعنا فكر واحد لتحقيق هدف معين , ناضلنا جنبا الى جنب كوحدة واحدة  لم تفرقنا اي اختلافات ثانوية ....                                                                                                  

المفرزة كانت تتكون من  ..  منار , مخلص , ابو زياد , ابو سلوان , ابو طويلب , الفقيد ابو الندى , ابو سعد , ابو الفوز , حيدر ابو حيدر , مام احمد , عابد , جمال , الند , صفاء , كريم , الفقيد  ابو فلمير  , الفقيد مام سعيد , فياض , ابو خالد الخياط , الفقيد هوكر , ابو رياض , ابو ناتاشا , الفقيد ابو سنية , جهاد  , كريم , ابو رشا ,  ابو سمرة , ابو بسام , سمير , جمال , ابو حسن حبيب البي , يزدين , ابو عشتار , ابو فاتن . .. ....يتبع