كانت ... قصة شهرين من حياتي ..!22 / هاني ابو زياد
14 اب – 14 تشرين اول 1988...22
تركنا كارة العظيم خلفنا والقلوب تعتصر ألما وحزنا .. ليس من السهل ان تترك مكان عشت به وتعودت عليه والفت تضاريسه ودروبه ,غاباته واحراشه . هناك تركنا سلاحنا ايضا وكل ما يربطنا بالماضي القريب . فقد دفنت الاسلحة كلها على امل العودة والرجوع لها بعد حين , ولكن بالواقع تركت لى الابد . سوف لن نعود وان عدنا فستكون عودتنا بشكل اخر, ربما سياحة ..نزلنا القطع وسلكنا نفس الطريق فهو اجباري ليس هناك غيره . مرورا باطراف قرية بليط الجنوبية نحو المنحدر الحاد شمالا باتجاه قرية رزوك .. ساعدني الكوبال ( العوجية ) هذه المرة كثيرا فقد اخذته من الرفيق حميد بعد ان ودعناهم على الحدود ..هو لا يحتاجه لهذا استغنى عنه .. تعب الرفاق كبار السن ساعدهم الشباب حتى بلغنا القمة .. كانت المفرزة تضم شبابا بعمر الزهور.. في العشرينات الاولى واخرين في اواخر الستينات . اخذنا استراحة قصيرة عند عين الماء استرد بها الرفاق بعض من طاقتهم التي استنزفوها بصعود المنحدر .. ثم واصلنا الطريق نزولا باتجاه قرية رزوك انحرفنا بعدها يمينا باتجاه الشمال بمحاذاة الجبل ولم نسلك الطريق العادي القريب من قرية ده رش , فالقرى مسكونة من قبل الجيش . بعد ان تجاوزنا ده رش ركبنا على الطريق العام واتجهنا الى قرية اسبندارخلفو ..الطريق صعود , ليس حاد لكنه متعب قليلا .. استمر الرفاق منار ومخلص بالمسير قبل المفرزة .. راى الرفاق اثار مواقع الجحوش بالايام الاولى للهجوم من خلال مواقدهم العملاقة على جانبي الطريق .. وكيف كانوا يغطون المنطقة برمتها ’ وتصوروا كيف كان الوضع والذي دفعنا ثمنه , فكان الحصار ..وصلنا عين الماء القريبة من بيت سيدو سعيد قبل فجريوم 29 ايلول 1988 جلب الرفيق منار الجركانات المخبئة ووزعها على الرفاق .. تزودنا بالماء وقضى الرفاق حاجتهم فلدينا وقت كافي لذلك , بعدها تحركنا الى مكان الاختفاء شرق اسبندارخلفو ... تعرف الرفاق على جغرافية المكان واين سيكون انسحابنا لو نعرضنا لاي طارئ .. انتشر الرفاق بعد ان وزعت مهام الحراسة والخدمة الرفاقية ..الارزاق متوفرة هنا والافرشة .. قضينا يومنا هذا هنا واخذ الرفاق قسطا جيد من الراحة والشبع استعدادا الى اطول واخطر ليلة , تحتاج الى سرعة وجرئة وقوة تحمل , انتباه , يقظة وحذر .. قبل الغروب اجتمع الرفاق ..تعرفوا على خط سيرنا بالتفصيل والاشارة الى الصعوبات التي ستواجهنا وامكانية تجاوزها بهمة الشيوعين وقوة عزيمتهم واصرارهم ..انطلقنا بحماس مع بدء الظلام مرومرا بكاني خو ( العين المالحة) ونزولا الى صبنة بمحاذاة قرية مزة ..عبرنا صبنة صعودا الى الشارع العام كان الرفيق منار قد ابتكر طريقة لمعرفة الطريق دون ان ينتبه لها احد وهي قلب بعض الحجر القريب من الطريق للدلالة , وقد افاده ذلك كثير كيف وهو استطلاع المفرزة .. قبل مكان العبور من تحت ربية سكير هناك مجموعة من الصخور كأنها وضعت للاختفاء خلفها قبل العبور .. جلس الرفاق هناك محتمين بها .. قلت مخاطبا الجميع وبالخصوص الرفيقين منار ومخلص انا ساصعد الى الشارع استطلع المكان تنتظرون اشارة مني بعدها يعبر 6 رفاق بعد 6 الى ان يعبر الجميع فالسيارات العسكرية المارة تقطع علينا انسيابية العبور وان حدث لي شيء , عليكم سحب المفرزة بالسرعة الممكنة الى اسبندارخلفو . هذا مكان عبور معروف للجحوش والجيش , وكثيرا ما وضعت عليه كمائن للاستخبارات وهو خطر ..( استشهد الرفيق العزيزالشهيد أميد هناك ) خرجت لوحدي بعد ان مرت سيارة عسكرية , وقد ساعدت هذه باضاءة المكان .. صعدت الشارع بحذر باتجاه مكان الكمين المعتاد تحت الشجرة لمن يعرف (الطريق ) هناك فعلا افرشة الكمين ( يطغات تحت الشجرة ),, شاهدها بعض الرفاق بعد ذلك ,,. دخلت بين ( التراش ) الاحراش وعدت بعد ان تاكدت ان لا شيء اعطيت اشارة الى منارعبر 6 رفاق اشرت لهم ان يدخلوا بين الاحراش . مرت ناقلة جنود بعدها عبر عدد من الرفاق انضموا الى البقية وبعدها مجموعة . تخلل عبورنا الشارع ثلاث ناقلات جنود حتى جاء دور اخر مجموعة وهي من الرفاق المسلحين . تعثر احدهم وسقط سلاحه على الشارع واحدث صوتا قويا كسر سكون الليل وكان واضحا انه سلاح بعدها بلحظات انطلقت اسلحة الربية بالرمي الكثيف على مكان العبور ..وقتها كان الرفاق قد التحقوا بنا بعيدا عن الشارع بين الاحراش .. علينا الانتباه والاستعداد للانطلاق سريعا لاخلاء المكان .. مع علمنا ان الجنود او الجحوش لا يجرؤوا النزول من الربية بهذا الوقت فلا خوف من ذلك . بعد ان توقف الرمي انطلقنا قاطعين الطريق المؤدي الى سكير باتجاه الغرب الى اللا طريق بين السلسلة المطلة على الشارع حامل الربية والسلسلة الموازية بجانب سكير والطريق الى زومها ( مصيفها ) في القمة حيث الطريق الصعب ,, والذي وصفناه بحلقة سابقة ,, مع كل هذه الصعوبات , صادفنا حمار يرعى وحيدا هناك , وما ان رانا حتى بدا بالنهيق العالي والمتكرر , ربما فرحا , لم يصدق المسكين ان يرى كائنات حية في هذا المكان المعزول بعد ان ظن ان لا احد يجرا على ذلك ( غيره ) كانت الخشية ان تنتبه الربية لذلك ونحن تحتها وبمدى سلاحها . استمرت المفرزة بالمسير حتى وصلنا العين .. هناك غضبت على الرفبق ابو سلوان فقد سكب ماء زمزميته وهّم بملئها وكان الماء اسن , قبل ان انبه الى ذلك , فالبعض لم يصل بعد ..( اعتذرت منه بعد ذلك لانه كبير السن ) كان ترتيبه بالمفرزة خلفي تماما اراد هو ذلك لكي يلحق فهو كبير ونظره ضعيف .. مررنا بمكان اختفائنا السابق المخيف واخذنا استراحة هناك للتدخين .. تعجب الجميع كيف مكثنا النهار كله هنا . اذن علينا ان نواصل المسير بهمة ونشاط لنعبر سه ر عمادية قبل طلوع النهار .....يتبع