مذكرات بيشمركة / 60 / سعيد الياس شابو/كامران                

خضر كاكيلي (1)

2014.01.12                                                                                                   

من السابق لأوانه من أن أتناول أي موضوع بخصوص القائد الأنصاري خضر كاكيل ( خدر كاكيلى ) لكوني لم أراه ولم أسمع طاريه لا من بعيد ولا من قريب ، إلا فيما بعد .. أي بعيد وصولنا الى مقر البتاليون / الفوج  الخامس ، والذي كان القائد الأنصاري البيشمركايتي الرفيق علي كلاشنكوف يرأسه عسكريا وألرفيق أبو علي الشايب المسؤول السياسي ، و(( أبو هيمن )) أداري الفوج ، وكان الرفيق خدر كاكيلي معاون آمر الفوج ومقره الصيفي في جبل كاروخ ، وأما أن أصف جبل كاروخ بتضاريسه ومساحته وعلوه وشموخه وقممه  وكتله الصخرية ومياه الينابيع الموجودة في الجبل والكتل الثلجية التي يستفاد منها أهل المنطقة في الصيف الحار ومقاومته الباسلة لأعتى الأنظمة الدكتاتورية القمعية على مر السنين والعقود .. فهذا يتطلب الكثير والكثير والتصوير في فلم يليق بمقاومة وعراقة الجبل ، وبعد وصولنا وكالعادة أحببت من أن أتناول الكشف على البعض من جوانبه أي الجبل .. وفعلا مع البعض من الرفاق أخذنا صفحة اليمين وبأتجاه القمم الصخرية والكتل الثلجية الموجودة في البعض من تلك الصخور ، وما الارتفاع الشاهق إلا دليل على القامة الشامخة لجبل كاروخ والجبال التي يمكن رؤيتها عبر الوسائل المتاحة والعين المجردة والتأمل في القادم من الأيام .

كان مقر البتاليون في علو مرتفع وفي موقع يحسد عليه وحصين وموقع سياحي بحيث بالنهار عليك من أرتداء القمصلة وفي الليل أحسب حسابك! وتلك الخيم المنصوبة للذخيرة والمنام وهي الأخرى تعاني من كون لونها ليس كلون بيوت الشعر .. فأما السواقي ومياهها العذبة والتي يشكل انحدارها مناظر خلابة في الجسد الجبلي المتنوع ، أي جسد الجبل  المليء بالصور الناطقة .. من جهة زراعة الخضروات والمحاصيل الصيفية وما الالتفاتة والنظر الى اليمين واليسار إلا وأن تلتقي نظراتك على تلك البيوت الشعرية ( الرشمالات  ) متوزعة في المنطقة مع الماشية ، مشكلة نبض الحياة في القرى الجبلية ، وفي هذه الحالة بأمكان البيشمركة من أن يتبضعوا ما يمكن الحصول عليه من اللبن والجبن لتصبح وجبات غذائية للأنصار .

وبمجرد وصولنا الى المقر المعلق في الجبل .. سارع الرفاق بتقديم المقسوم من الخبز والشاي والبدأ في شرح انشغالية مفرزتين من المقر وهي في طريقها الى قرية ( ده ركه له ) التأريخية ، وبالمناسبة كان الرفيق ئاوات والرفيقة بيمان من أهل دركة التحقوا في وقت سابق في مقر كوستا ، والحديث جاري بخصوص مفرزة الرفيق خضر كاكيل أي ذهبت المفرزة لتستقبل المفرزة التي ستلتحق بالحزب .. ألا وهي مفرزة من الأفواج الخفيفة (الفرسان) وكما كانت تسمى في ذلك الوقت ( جاش ) الجحوش ، والعاصي على الحكومة وآمر المجموعة ورفاقه .. عولا ماويلي وهو من قرية ( ماويليان ) ، والكل في حال الأنذار والتهيئة وحساب ألف حساب !!!!! .

لم يحالفنا الوقت من أن نرى لا الرفاق مفرزة خضر كاكيل ولا مفرزة الرفاق الجدد عولا ماويلي إلا فيما بعد ، وبعد الدردشات والمداخلات وشرح أبعاد التحاق المفرزة وكان يبدوا كل الأحزاب الكوردستانية راغبة من أن يلتحق فيها عولا ماويلي وجماعته .. لكونه معروف ونشط في المنطقة وفي الوقت عينه شاب ومن المنطقة ويمكن الاستفادة منه ومن مفرزته  مستقبلا .

@ فأما @! فأما المفرزة التي أقتحمت حقل الألغام والتي كانت في مهمة في طريقها وهي على جبل هندرين الشهير .. يالها من تعاسة عندما تصف وتكتب عن الحالة وأنت غير موجود فيها ! مفرزة من الأنصار تقع في حقل الألغام والرفاق ملا عمر وسيروان وفيما بعد ملازم سيروان .. تنفجر عليهما مجموعة ألغام وفي الليل .. وبعد اصابة الرفيقين وحالتهما المزرية والجروح البليغة التي أوقعت بهما وخاصة بالرفيق سيروان .. بحيث وقع النصير سيروان نازفا دمه مغميا عليه مستلقيا في ذلك الحق اللعين .. بينما النصير ملا عمر تمكن بمساعدة بيشمركة المفرزة من إخلائه والسير ومواصلة الطريق الى أن وصلوا الى مجموعة رشمالات ومن ثم حلت المفرزة ضيفا على الأخوة الفلح أصحاب الكويستانات الجبلية .. النصير سيروان / بولا .. ترك من غير قصد في وسط الحقل  !! ضن الرفاق بإستشهاده  وهو ضمن القرابين الأنصارية !!.. ولا يمكن لأي قوة من أن تنقذه أو تسعفه وهو في حقل الألغام ، وهذا ما يؤكد عليه جميع العسكريون وخبراء الجيوش والأنصار البيشمركة

ظل النصير سيروان لمدة ساعات مستلقيا في الحقل وجروحه البليغة  لا تعد ولا تحصى  أي من كعب قدميه وحتى شعر رأسه !! لم تبقى له عضلات في الرجلين جسده وأياديه مصابه بجروح بليغة وعديدة متنوعة .... وبعد ساعات نهض رفاق .... هاورييان ..... هاورييان ...... ! كلا وألف كلا .. لا جواب ولا من يسمع .. الكل منسحبين  من موقع الجريمة !!.. أستمر في المسير بعد خروجه من الحقل التعيس .. وهو يدمدم ويسب بكلمات تعودنا عليها عند وقت الضيق ... وبعد أن حس وشعر بأنه قد ترك صاروخ لقاذفة ( آربيجي 7 ) قد وقع منه في الموقع وبعد مسير ساعة والابتعاد عن حقل الألغام .........!! تذكر من أن الوضعية حانته ونسى شيئا ما .. إلا أنه عاد الى الحقل ليجلب ويعيد القذيفة التي تركها مجروحا وعن غير قصد ... عاد بالقذيفة حاملها مرة ثانية حاسبا من أن يقولون الرفاق ... أنت جبان .. كيف تترك قذيفة آربي جي ؟!! عاد من جديد وواصل المسير وفي الصباح لينهضوا الرفاق وأهل الرشمالات البيوت الشعرية ........ ليشاهدوا سيروان البطل  لحمه محروقا ، دمه منزوفا ، ابتسامته وضحكته التي تعودنا عليها أصبحت على غير عادتها .... خرة بشرفكم شلون تتركوني ؟! وبعد دقائق قليلة ......عاد الأمل الى رفاق المفرزة البطلة والتي كانت في حالة متعبة وشاقة ومزرية بعد ضنهم من أن استشهاد النصير سيروان هو حتمي ، وبقاء جثته دون قبر وموقع ليبقى شاهد على التأريخ المعاصر!

والعودة الى مقر الفوج ولقاء البعض من الرفاق الذين كانوا في بداية المطاف في مقرات ناوزنك وخاصة الرفيق الرائع كاروخ ، والنصير زؤزك الكوميدي وهو أيظا من رواندوز والنصير شمعون من شقلاوا وأنصار آخرين .

وبما أن نحن أمامنا مشوار طريق فبعد أن قضينا يومان في المقر وفي اليوم الثالث شكلت مفرزة من أنصار متفرقة ، وكان قوام المفرزة بحوالي عشرون نصير – بيشمركة ومن ضمنهم البعض من مرضى وكان النصير أبو سرور في وضع متعب جدا ، وأنيطت مهمة قيادة المفرزة إلية ، أي أن أكون آمر المفرزة .. وهنا كان الأختيار الصعب بالنسبة لي .. ومحك تحمل قيادة المفرزة ولآول مرة وفي تلك الوضعية والضروف المعقدة .

المهم .. نهضنا في الصباح الباكر أي في الرابعة صباحا .. بعد أن تناولنا وجبة الفطور وأخذ الخبز والمقسوم من المعلبات معنا والنصير أبو سرور يستقل البغل لكونه غير قادر على السير .. سوى خطوات قليلة جدا !

شد حيلك يا كامران .. وهذه تجربة أولية ومحك في الجبال وبإتجاه  مقر قيادة الحزب في نيوزنك ، وهل تعتقدون العملية سهلة ؟! بدأنا المسير من جبل كاروخ والى أن بلغنا مقرات نيوزنك ونؤكان بعد المسير المستمر ولمدة ( 27 ) ساعة مستمرة ومن ضمنها الاستراحات الربع ساعة والنصف الساعة وذلك لتناول وجبة سريعة وقضاء الحاجيات ، وكلما أراد رفيق التأخير والتلكؤ والمحاججة بالتعب وغيرها من الأمور .. وقفنا له بالمرصاد الكلامي والجمل الرافظة بالتأخير وبقاء ليلة في الطريق ، الى أن وصلنا قرية ( كؤره شير ) بحيث كانت المتاعب قد نالت منا وليس بالإمكان مواصلة قطع المزيد من المسافات الشاقة .. حلينا حوالي ساعتين في القرية أو البيوت المهجورة الى أن أشرقت بعض الشيء .. بعد قضينا حوالي ساعتان بالنوم العجيب الغريب .. ومنذ ذلك اليوم والى بعد خمس سنوات حصل لي ألم في الكلى في الجانب الأيمن بعد النوم والتقلب والحجر الصغير الذي كان بجانبي ولم أراه عند المنام ومن ثم أثناء التقلب أصبح تحت الجنب ، بحيث أيقظني الألم الناتج من ضغط الجسم على الصخرة الصغيرة ، ومن ثم حث الرفاق البيشمركة على النهوض .. وكانت لحظات صعبة جدا جدا .. لكون الكل بحاجة الى الراحة بعد هذا المسير العسير