مذكرات بيشمركة  95 ( ب )! / سعيد الياس شابو - كامران

الأحداث الساخنة ..

2020.07.22

ليس من السهل سرد كل الأحداث الساخنة وأختزالها في هذه السطور ، وإعطاء حقها بالصور الكاملة ذات المرتوشة  في ستوديوهات الدولة النفطية والبوليسية القمعية وأجهزتها المخابراتية والأستخباراتية والأمنية ومرتزقتها المتنوعة والعديدة والتي تعمل جاهدة من النيل من الأنصار البيشمركة  لحزب الشيوعيين وتنظيماته من خلال  شبكاتها المتنوعة وأتصالاتها ذات الأبعاد الذكية والسريعة وأولئك العملاء المزمنين والمعتقين في صفوف الحزب الشيوعي العراقي وغيره من أحزاب الساحة !!!.... وفي كل مرة يستحدث حدثا ساخنا .. ليضاف الى الأحداث التي سبقته والمستجد هنا .. وفي  الخريف المبكر بينما كانت مفارز الحزب وكوادره تعمل في داخل محافظة أربيل والمناطق المتاحة هنا وهناك والأخبار المندسة والشائكة والواقعية تختلط مع بعضها لتشكل اللغز الذي ليس له حلا سريعا وعمليا بالطرق السياسية والعسكرية لكون المسافات بعيدة وأجهزة الأتصالات السلكية واللاسلكية  مفقودة بين تلك التنظيمات التي تعمل في الداخل ومقر القاطع ! لذا للدعايات موطيء قدم في العملية واللعب بالمقدرات متاح أمام السلطة والنظام وأعوانهما !!

الخط الساخن الأول .. ألا وهو كيفية إيصال الخبرالى مفرزة الرفيق عباس ورفاقه والكوادر العاملة معهم من أن يتوجهوا أو يعودوا الى بارزان من أربيل ! وذلك يتطلب  وصول أخبار عديدة بخصوص المفرزة ، تلافيا من الألغام والفخوخ أو الأفخاخ التي يمكن الوقوع بها وفيها! لكون  ( العميل ) المزدوج  مامند ( ممؤ ) وأخيه ( ره شؤ ) والمتعاونين معهما ومع السلطة ناذرين أنفسهم للنيل من الحزب وتنظيماته وأنصاره وكوادره في اية فرصة سانحة ، علما ممؤ منذ عام 1976 وهو خائن !!!!!!!!!.

ومن الطرف الآخر( تختخة ) الرفاق لمغريات المدينة وما الى ذلك بالمقارنة بين حياة المقرات وحياة المدينة ونسيان الذات والمهمات وطريقة العمل التنظيمي المعارض في الدولة النفطية المخابراتية !

وكان رفاق القاطع وقيادته أي قاطع أربيل  وقيادة الأقليم  ورفاقه  .. جلهم مشغولين ومنشغلين  بالأخبار المتضاربة والغوغائية الصادرة  والواردة من والى !! هذا كان الخط الساخن الأول والمهم  والذي أحدث شرخا بين قيادة القاطع والأقليم ، علما كان  مسؤول الأقليم الرفيق أبو آسوس والرفاق نجم الدين مامؤ ومام قادر والرفاق الآخرين !!!.

... والخط الساخن الثاني والذي يرتبط ضمنيا مع الخط الأول .. ألا وهو تهيئة مفرزة الرفاق الأبطال  توفيق سيدا توما ( ملا عثمان ) آمر المفرزة ،   فهد الياس هرمز ( فرهاد ) ،  زهير بهنام أوسا  ( نبز )  باسم يوسف نيسان  ( نوزاد ) ، حكمت ، كفاح مورتكه ، وفكرت عرب ، وحاملين معهم رسالة الى الكوادر والمفرزة اللذين يعملون في الداخل ويحثونهم على الخروج بأسرع وقت ممكن تلافيا من الوقوع في الفخ الذي وقعوا فيه! بالإضافة الى المهمات الأخرى والحاجة المادية للحزب وما الى ذلك من واجبات أخرى مناطة بهم أي رفاق مفرزة ملا عوسمان . وفي ( 17/9/1984 ) شرعت المفرزة بالحركة من بارزان متواصلة طريقها الى المناطق المشرفة على منطقة برانتي ( كاوانيان زراري .. سه رسوور زراري ). و

في( 19/9/1984 ) من القرن الماضي ، وقعت المفرزة في الكمين الذي نصبته قوات من الأتحاد الوطني الكوردستاني ( أوك )  بحيث كانت تنتظرهم المفرزة و تلك القوات معززة بسيارات تحمل البيكيسي .. وقبل أن يقعوا الأنصار البيشمركة في الكمين .. حذرهم الرفيق نوزاد من أن يسلكوا طريق الوادي الذي يقع على أيدك اليمين وتختفي فية الجمال والبعران والسيارات والمفارز لسعته وتعرجاته ،  وليس الطريق الترابي ! إلا أن آمر المفرزة أصر على عكس ذلك ، عدم مباليا بالمقترح وبعد دقائق وقعت المفرزة تحت نيران البيكيسي والرشاشات بعد المقاومة البطولية لرفاق المفرزة .. وعلى أثرها أستشهد كل من الأبطال ملا عثمان ، كفاح مورتكه وحكمت ، وفي الصباح تم أسر .. المجروحين ومصابين بعدة أطلاقات نارية ..  كل من الرفاق الأبطال  .. فرهاد ونبز !! وتمكن من الأفلات من الكمين الرفاق الأبطال .. نوزاد وفكرت عرب !! وفي اليوم التالي أرسلت قوات أوك خبر الى ذوي الشهداء والجرحى من مراجعة مقرهم لأجراء اللازم .. وتم تسليم الجرحى والشهداء الى التنظيمات وأهاليهم ، والبعض من المعلومات مستمدة من أقوال الرفيق جاسم خيلاني والرفيق كاوة أخو الشهيد فرهاد ، فهد .

وهكذا ألتحق فرهاد ونبز بعد فترة  بمفرزة الرفاق عباس وبريار ورفاقهم ليسلموهم مع المفرزة جميعا متسممين ( بالكوكا كولا الباردة ) وليقودوهم الى أقبية دوائر الأمن والمخابرات لينالوا المصير المجهول عن طريق ممؤ الخائن !! وكتب الرفيق فرهاد ( جتؤ به رانتي ) بخصوص ممؤ الخائن .

... والخط الساخن الثالث وشاغل الكل  .. البناء ومقوماته من حيث الأحداثيات .. نقل الصخور ونقل الخشب المتنوع بعد قطعه من أماكن ليست قريبة من المقرات ، وتهيئة الصوبات  والنفط وتدبير الأرزاق ، الذخيرة وخزنها في أماكن صالحة وسالمة .. المؤن للشتاء القاسي لتلك السنة وشراء البطانيات .. كلها مرتبطة بعضها بالبعض الآخر ، وفي ذات الوقت ساعدنا رفاق الاقيلم في البناء ، كما ساعدنا ببناء مقر الرفيق علي ره زكة ، وساعدنا ببناء غرفة للرفيق أبو جنان وعائلته .. بينما كنا نبني ونقطع الخشب المتنوع ونجمعه لحين عملية التسقيف .. ولاقت أنظار الرفيق ابو جنان على قطعة خشب تصلح من أن تكون يدة الطبر الذي نقطع ونفصل فيه الأشجار .. إذ بالرفيق أبو جنان رافعها من بين الأخشاب معلنا من أن هذه تصلح لبدة الطبر .. واضعها في موقع آخر ! بينما يبحث عن القطع الأخرى .. وأحد الرفاق حاملها لتكون جزءا من سقف البناء وليس اليد للطبر ! وإذ بأبو جنان للوهلة الثانية رافعا .. وهذه .. هم تصلح ليدة الطبر ! وعادها رفيق آخر القطعة لتكون جزءا من البناء وتلك الضحكات والقهقات والتشقلات الرفاقية .

وبخصوص البناء .. وعندما حصلنا أوكي من رفاق القاطع .. شرعنا بالبناء مع الرفيق هيوا أبو شوقي .. وإذ بالرفيق دكتور زكي قادما الينا .. ها شتسوون ؟! نبني غرفة ! شاركوني وياكم .. وهيوا موافقا وكاتب السطور رافضا !! دكتور زكي وهيوا .. أي ليش ؟! كاتب السطور .. طالما تاتيك إمدادات من الوالدة ولم تعطي حصتنا فعليك الأبتعاد عنا ! وحدث الشرخ بيني وبين هيوا .. وهيوا زعلان وخرب مزاجه ! كاتب السطور .. طيب أذهب وقل لزكي من أن ياتي ليشاركنا البناء وقطع الخشب وبمساعدة الرفاق .. قدم الدكتور بسرعة مبديا أرتياحه والأمطار كانت قد رطبت الأجواء وحيطان الغرفة مبللة والمياه تجمعت في أرضية الغرفة ! وفعلا تم تسقيف الغرفة بمساعدة البعض من الرفاق ، دكتور سعيد ، خيري ، دكتور نوزاد ، آزاد ملا عزيز . وبعد أتمام كل شيء .. أشعلنا النار في داخل الغرفة لتجف من الرطوبة القاتلة ! ونصبنا فيها الصوبة لتشتعل وتساعد على التجفيف ومن ثم فرش النايلون  .. والرطوبة لم تنتهي من أرضية الغرفة ، ونحن تحولنا فيها معززين مكرمين .. بعد أن رفض الرفيق ملازم عادل معارضا البناء ( للقطاع الخاص ) ومتذمرا ومراجعا ومشتكيا عند رفاق القاطع .. إلا أنه لم يفلح بذلك ومكسور الخاطر طيلة فترتنا بالقاطع ! أي ليش ما نبني .. أي مو أنتم ثلاثة في غرفة !! طيب ليش مكتب القاطع هم ثلاثة في الغرفة ؟! أي هذولة مسؤولين !! أي هم أحنة مسؤولين عن أنفسنا ! وما لك بالمنع ؟! لم نطلب من أي شخص مساعدة .. من  أن يساعدنا بالبناء وقائمين بذاتنا وما الى آخره من الأحاديث ! ونجحنا بقضاء الخريف والربيع في تلك الغرفة والتفاصيل قادمة !

فأما الخط الساخن الرابع .. الصيد المتنوع للحيوانات البرية والسارحة والمارحة في كل حارة وصوب ..  الخنازير البرية المضرة للزراعة والفلاحين وسيئة السمعة لدى الأكثرية أسما ! والماعز الجبلي المتنوع وبأحجام ولحمها اللذيذ ، الغزلان الجميلة ، الدحالج  ( سيخور ) أنواع السمك وبأحجام مختلفة .. الرفيق محمد أسطة .. أفضل الصيادين في حينها .. رصاصته لم تخطيء إلا واصاب الهدف ( الغزلان والماعز البري ! مامز .. وبزنه كيوي ) وإن تحدثنا عن الصيد ومفاهيمه وفنياته وخصال صاحبه .. كلها يجب أن تكون في الصياد ، لأنه في حال جرح الحيوان وعدم قتله للوهلة الأولى أو بالأحرى بالرصاصة الأولى  يعتبر جريمة لكون الحيوان سيعاني من ذلك الجرح وربما يسبب الأمراض للحيوانات الأخرى ويتعذب في الوقت ذاته ! وللحوم قصص وحكايات ومشاكل ترفع عن طريقها الشكاوي والتقارير لتصبح الخط الساخن وليدخل أسمها التاريخ ! وبالطبع للصيد كان له مردودات إيجابية وسلبية وتفاصيل ومفاهيم بيزنطية بين المؤيدين والمعارضين للحم الحرام والحلال في تلك المناطق النائية والأزمنة الغابرة والحرمان من كل ماهو ينتمي للحياة المدنية وعشاقها .

وكانت البطون والمزاجات قد تغيرت من تناول اللحم مرة في الأسوع أو مرة لكل أسبوعان .. كان اللحم المتوفر للماعز الجبلي ما يسد ويكم الأفواه !

... والخط الساخن الخامس ، ألا وهو القصف المدفعي المستمر على المقرات .. وعل السابلة القرويين الذين يعيشون في قراهم ويتبضعون أو ينقلون ما قسمه الله من حصصهم من أرزاق في الخريف .. وفي ذات يوم خريفي .. بينما كنا مع الرفيق خيري في طريقنا من شيوي شيخ والى مقر الرفاق علي حاجي وسرية بيتوين وبشدر وكرميان وو ... الخ في قرية ريزان المطلة على النهر ، ونحن تجاوزنا الجسر الذي يتوسط الطريق بين بارزان وريزان وبالقرب من مقر فصيل الرفيق علي رزكة ورفاقه الطيبين ( فصيل النقل الجبلي ) والمختص بالخيول وصناعة الكراتين للبغال أي الجلالات وإدامتها  ..  وفي الطريق قافلة  من  القرويين محملين بالذخيرة الأرزاق والمؤون من منطقة ريزان وما بعدها وبحوالي أكثر من خمسة عشر حمل ، وكلهم في مجموعة دون المسافات الفاصلة بينهم .. وأستمر القصف المدفعي من جبل بيرس على رؤوس القرويين وحيواناتهم المحملة .. أستمر القصف حوالي لربع ساعة متقطعة ولعدة قذائف ومستهدفة وسط التجمع .. بحيث أصبحت الحالة يرثى لها وبعثرة الحيوانات وميلان الحمولات ونزولها الى حد البطون والرقبة للبغال .. والقصف مستمر .. سارعنا الى أن نصل الى القرويين لمساعدتهم ومساندتهم والأمساك بالبغال المحملة وتجميعها وتعديلها وتسليمها الى أصحابها من أهل القرى البارزانيين ، وهم مستغربين ومتعجبين من فعلتنا هذه إتجاههم .. أي في هذا الوقت العصيب والقصف مستمر ونحن لا نهاب الموت ! وكانت البعض الجروح الطيفة أصابتهم !

.. وحتى أثناء بناء المقرات وبعدها وقبلها وما بينهما القصف لا يبخل علينا  بنزول حممه  وخاصة عند تناول وجبات الطعام .. بحيث تعودنا على مثل تلك الحالات والأصوات النشاز من تلك الربيئة العسكرية القابعة في موقع أستراتيجي من على جبل بيرس .

وفي ذات مرة .. قصفت المدفعية بإتجاهات مختلفة بحيث وقع الرفيق آزاد ملا عزيز من شدة القصف  ووقعت يده على قوطية لحم القواطي المعلب فارغة ، وهي حادة أكثر من السكين .. بحيث الجرح في يده كان بليغا ومدميا .. ولو لا الرفاق الأطباء لكانت الحالة قاتلة ودخل أسمه ضمن الشهداء!.

الوادي السحيق والذي يقسم القاطع الى شقين في الغرف والقاعات يسع الى الحركة وفيه مجال للنشاطات وأعلام القاطع والمتمثل بالرفيق ماهر والرفاق الآخرين ومن ضمن نشاطهم إقامة معرض للوحات الفنية الجملة والهادفة وكان على رأس المعرض الرفيق النصير مؤيد ، وقدوم الرفاق من المقرات الأخرى لزيارة المعرض في الهواء الطلق والصور معلقة على أكياس  والجواني ( الكواني ) وفي الأحراش وبين الصخور القطعية ، مما نال رضى جميع الزوار .