مذكرات بيشمركة (103) .. المؤتمر الوطني الرابع للحزب .. .. / كامران .. سعيد الياس شابو

2020.08.22

وصلت جحافل المؤتمرين والقادمين من كل حارة وصوب .. أي من داخل العراق ومنهم الأنصار البيشمركة  والكوادر الحزبية المشاركة من الخارج والداخل والقادمة لتشارك إنعقاد المؤتمر دون أن يعلم أي  أحد وأي كان وأي منهم أي القادمين بعقد المؤتمر ! أي لم يكن عضو اللجنة المركزية  القيادي ( يوسف القس حنا ) أبو حكمت عالما بعقد المؤتمر .. بالرغم من قدوم كوادر الحزب من الخارج .

... العمل الدئوب والمستمر

والجنود المجهولون والرفيق أبو دنيا ..

..................................

كانت حركة الرفاق الأنصار البيشمركة مستمرة على قدم وساق وتواصل عملها أكثر من عمل خلية النحل إن صح التعبير .. والمقر .. ( آرموش العليا ) ، ونحن في أواخر تشرين الأول / العاشر  من عام 1985 .. والطقس مائل للإعتدال المناخي البارد ليلا والمنطقة متأثرة بمناخ المثلث العراقي الأيراني التركي ، ولفصل الخريف  معاني كثيرة عند الأنصار  .. يعني التهيئة لخزن الذخيرة وتدبير وتجميع الحطب .. وبالمناسبة والفرق بيننا وبينهم أي رفاق مقرات القيادة كان يتمتعون بإمتيازات ومنها المرئي ( المنشار الكهربائي العامل على البنزين  لقطع الأشجار ) بينما نحن أبو الطبر !! .. والحصول على القماصل الرديئة!! وتأمين الحشيش والتبن والشعير للبغال .. وفي الخريف تحلى الفواكه المتشبثة بالأشجار والزعرور الجبلي اللذيذ ، وتسقط البعض من أوراق الأشجار  نتيجة إنتهاء مهلتها  لتخفف عن كاهل الأشجار السنوي .. والقسم الآخر نتيجة ضغط  القصف المدفعي .. وتحترق الأحراش والأشجار لتقتل ما فيها من الكائنات والزواحف والطيور وخلايا النحل .. وينقلب لون القش الذهبي الجميل  الى السواد المصخم لتبتلى بدلات الأنصار بالسواد ومن ثم غسيلها !

مقر آرموش ..

.................

سلمنا الرفاق القياديين الى المقر وحركة الرفاق الدائمة مشكلة الزحام  .. والتعانق والقبلات والمصافحات  والقهقهات  .. والرفيق عزيز محمد سكرتير الحزب لايزال بالزي المدني  قميص وبنطال / بنطلون  ، قادما من السفر .. وبعد أن تصافحنا الرفاق .. فأرشدوني بالنزول الى  المقر التحتي ألا وهو مقر آرموش السفلى الهاديء والبعيد عن الصخب الرفاقي !!.

... يتكون المقر من غرفتان ومدخل يتوسطهما .. ملطوش ومطلي بالطين نظيف ويشبه بنائه المقرات التي بنوها رفاق حزب تودا وسازمان في تلك المناطق  لكونها منتظمة ومرتبة أكثر .

الرفيق النصير جهاد كان في المقر .. جهاد البرطلي .. والبعض من الرفاق الآخرين ..

.... صراع القوى !!

ومن ضمن الصراعات بين القوى الكوردستانية ..

...............

... بينما كنت ناطورا وحرسا منتبها ويقظا والساعة تشير من الثانية الى الثالثة ليلا أو صباحا .. وإذ بجقجقة وحركة وأصوات مختلطة مع بعضها الآخر .. البغال مع البيشمركة .. النساء مع الرجال  غير مألوفة في المساحة المطلة بين النهر والمقر .. وهي أراضي زراعية متروكة بسبب الترحيل .. تقربت أكثر فأكثر الى القوة المسلحة وعبر الناظور الليلي .. فتبين لي ولكاتب السطور  كامران  .. من إن القوة المسلحة غريبة و غير طبيعية في المنطقة .. وعدت مسرعا الى رفاقي في مقر آرموش العليا لأبلغهم بالحركة المرصودة والغير طبيعية بعدما  أوعيت البعض من الرفاق النائمين في المقر السفلي  لكي نتلافي الأشكاليات  .. وفي هذا الوقت الحساس من إنعقاد المؤتمر .. وكل ظني ذهب وقادني الى فكرة  تقدم قوات النظام وربعها  الى المنطقة !

والملفت للنظر والغريب في الأمر .. قدوم مفرزة تقدر بأكثر من تسعون مقاتلا وأكثرهم غرباء على المنطقة .. والمفرزة مجحفلة فيها  البغال المحملة بأنواع الأسلحة .. الدوشكات ، البيكيسيات ، مدافع الهاون ،  الآربيجيات سفن  ، وما الى ذلك من الذخيرة .. والمفرزة تتضمن المقاتلين والمقاتلات النساء  من   تنظيمات لحزب ( كؤمه له ى ئيران  - حيزبي كومنيستي ئيران  ) جمعية أو عصبة كوردستان إيران .

شددنا الحراسة لتلك الساعات الصباحية .. بعدما نزلنا إليهم حيثهم والأستفسار منهم بعدما أصغينا الى لهجتهم الكوردية المغايرة لأهل المنطقة .. كانوا في غاية التعب والمتاعب .. قالوا لنا نحن  ( كؤ مه له ى ئيرانين  ) .. تحدثنا اليهم بالتفصيل .. ووجهتهم والمنطقة ليست لصالحهم ولكونها والجماهيرفي كوردستان إيران .. يميلون ويتبعون تنظيميا الى حزب الديمقراطي الكوردستاني / إيران .. !! دون جدوى ودون أذن صاغية  .. وفي الصباح دعيناهم الى مقر الرفيق أبو زاهر .. ومجموعة تمثلهم من قيادة القوة .. معا .. والرفيق أبو حكمت .. شرحنا كل ما يتعلق بالوضع والأمر والمنطقة ومصيركم ومحاولاتكم الفاشلة وضياعكم في الجبال ووديان المنطقة القاسية ..!! وجرى التأكيد والتكرار لما سيحصل لهم في حال إصرارهم على  المواصلة للأمام .. وبإمكاننا من أن نساعدكم بالعودة الى حيث ما جئتم !! دون أذن صاغية من قبل الأربعة المتواجدين والمناقشين معنا .. إثنان من المقاتلات وإثنان من المقاتلين .. لم ولن يقتنعوا بما تحدثنا إليهم !!

رافقتهم بالعودة الى رفاقهم .. وكاتب السطور مترجيا ومكررا من إن طريقكم  هو محفوف بالمخاطر وأنتحاري وهو التياه في المنطقة وإصراركم هو خسارة لا غيرها .. ضاحكين على ما نقوله !

وشرعت مفرزتهم بالحركة وشد البغال في الصباح  بما أنزل منها ليلا .. وفي المساء وقعوا في الكمائن التي نصبوها لهم بيشمركة ( حدكا ) والقتال الدائر بينهم وبين ( حدكا ) والنتيجة .. قتل وأستشهاد أكثر من ( 85 ) من المقاتلين والمقاتلات وضياع البعض منهم في متاهات ودهاليز الكويستان وعودة أربعة من المقاتلين والمقاتلات ومنهم إثنان من الذين ألتقيناهم وتحدثنا إليهم .. وهم .. نادمين على ما حصل لهم وعدم الإصغاء والأخذ بكلامنا الجدي والصريح  ولكن بعد ماذا ؟! وقدمنا لهم العون والراحة والعودة الى حيث ما أتوا  .

المنطقة البرادوستية مكتظة بالجبال والوديان والسهول والهضاب والينابيع والروافد ، وغنية بقراها والتي تتجاوز المائتان وأكثر بين الصغيرة والكبيرة ، مما تميزها عن المناطق الأخرى هو طقسها المتنوع .. لذا ليس بالغريب من أن تسقط الثلوج الجديدة لتتماسك مع الثلوج القديمة والتي تشكل جسورا في البعض من المناطق الحدودية وهكذا تبقى الثلوج على مدار السنة وربما يكون هذا الثلج أزلي ومن تحت الجسور الثلجية سواقي وخرير المياه من كل صوب لتشكل أخيرا رافد يغني ويرقص لتلك الأرض الطيبة والمقاومة .

.... كان لي حب الإطلاع على حوالي المقرات وأينما حليت ضيفا .. ومقر آرموش السفلى هو في جبل وجبل في جبل تصاعديا ومقابيلهما جبال ووديان ..  وأنا قاطعا العشرات الكثيرة من الأمتار .. وقفت على مدخل وادي كثيف الأشجار والأحراش وأتجاهل الوادي السحيق وما يحتويه والى أين يقودني فيما لو أخترت النزول اليه .. وما إلا لحظات وأنا أسمع صوت خرخشة يتقرب رويدا رويدا دون رؤية أي شيء .. وكاتب السطور وحيدا وفي وضح النهار .. حسبت من إن حيوانا مفترسا يتقرب مني ... وما حصلت من مفاجئة غير متوقعة .. قروي يبحث عن صيد القبج .. وهذا ما أدعى به فيما بعد .. وكاتب السطور يسحب أقسام البندقية ومناديا بصرخة قوية فازعة .. ( كوره ئه تو كئ )؟! ما معناه من تكون أنت يا رجل ؟! ومواصلا ومكملا الجملة ( جه ك به )! أنزع سلاحك !! وهو شارحا ومترجيا من أني قروي وأبحث عن القبج وهو في ( كلي ره ش ) وإبن المنطقة .. دون جدوى .. وكاتب السطور مصرا على تجريده من السلاح وعدم القيام بأي حركة .. وفي حال الرفض ستكون العواقب وخيمة .. فألتزم مشكورا  ووضع سلاحه جانبا .. وتناولت السلاح وتريثت حوالي نصف ساعة لأرى هو لوحده أو مع مجموعة .. فتبين هو على حق والأستفسار منه على بيشمركة المنطقة وعلمه بهم .. فتم إعادة بندقيته اليه مع الأعتذار له .. لكون المنطقة شبه محرمة .. وهو شاكرني وفرحا وقلت له أسلك الطريق الذي قدمت منه .. مودعا بالله ( خوا حافيز .. خوا حافيز ) وفعلا تندمت على الفعلة بالرغم من إني محق بذلك الفعل .

... ميخائيل شولوخوف الكاتب السوفيتي الروسي  وروايته التي كتبها خلال ( 12 ) سنة وعام ..

ورواية الدون الهاديء بأجزائها الأربعة ..

كان الجميع منشغل في الحضور الى المؤتمر الرايع للحزب أو بالأحرى لحزبنا الشيوعي العراقي وأولئك الحاضرون سواء كانوا من مندوبي المؤتمر .. أم من الحاشية والمرافقين المتنوعين والقادمين وقاطعين عشرات الكيلومترات إن لم تكن المئات والآلاف البعيدة للقادمين من الخارج  بغية المشاركة في المؤتمر الوطني الرابع للحزب وتحت عنوان ( الوقف الفوري للحرب العراقية الأيرانية وإسقاط النظام الدكتاتوري في العراق ) !!.

كاتب السطور لم يكن من أعضاء المؤتمرين  أو المؤتمرون  أو المندوب في المؤتمر .. بل هو والرفاق الآخرين من ( رجال المهمات الصعبة ) كما تطرق الى الجملة الرفيق ( سعدون ) البطل فيما بعد ..

آرموش السفلى .. ورواية الدون الهاديء ..

.............................................

المصدر ..

مكتبة نوبل نشرت الكتاب أو الرواية عام 1965.

كتاب عن الثورة والإنسان ..

أحداث ساخنة وقصص سلسة عن الدون ( الصاخب ) الهاديء .. أبطالها ( غريغوري وأكسينيا )!!

وكان عليك من الوقوف بالسرة الأنصارية لكي تحصل على الجزء الواحد لقرائته .. وفقط ليلة واحدة أي تستعيره في المساء وتسلمه في الصباح .. دون مناقشة تذكر وعلى ضوء اللالة / الفانوس .. عليك بالقراءة ( 512 ) صفحة .. لم يغمض عيناه كاتب السطور  وحتى الصفحة الأخيرة والفطور الصباحي .. سلمت الرواية للرفاق .. لكي تكون من نصيب الرفاق الآخرين ..

وفي القرية القوقازية شارك كل الشباب البالغين واليافعين في جبهات القتال .. وترك النساء ومنهن أكسينيا  زوجة غريغوري ( كريكوري ) الشابة الجميلة تعشق صبيا في القرية لتطفيء ما في مكمنها من العشق دون الأصغاء لأهل القرية وحديث النساء والشيوخ للشيخ المختار والد غريغوري .. من إن الأمر يتطلب الدفاع عن الشرف !! وزاعما المختار لكنته من أن تعلن التوبة والألتزام بالعرف القروي وصيانة الشرف شارحا الحماه / الحماة لكنته .. وأكسينيا ترد على حماها .. أنا أريد .. أنا أريد .. فهل بإمكانك من فعل ذلك ؟؟!! .

صامتا المختار بواقع كنته الشابة الجميلة أكسينيا .