كاوه حسن/ كاوه جاوشين

نقلها الى العربية: عز الدين نوري فقي/ ماموستا هژار

يقع مقر سرية (ده شت اربيل) التي كان آمرها الشهيد روستم في (لێوژە)، وهي واحدة من سرايا الفوج 31 وتتكون من فصيلين، احدهما يقوده النصير هاوار والثاني بقيادة النصير أبو آمال.

كان في (لێوژە) آنذاك كضيوف جاءوا من مقر الفوج كلا من الانصار مام خضر روسي وملازم علي وزوجته النصيرة الشهيدة احلام، كما جاء الرفيق الشهيد خضر كاكيلي آمر سرية روست التابعة الى نفس الفوج في  طريقه الى بشتاشان.

في ده شت اربيل، حدثت المعارك بين قوات جود المتكونة من الحزب الشيوعي العراقي وحدك وسوسيال وبين أوك، واستطاعت قوات جود السيطرة على ملبند رقم 1 التابع لأوك. وبسبب هذه الاحداث كنا نقوم بتشديد الحراسة ونصب الكمائن وتكثيف الاستطلاع تحسبا لأي طارئ من أجل الدفاع عن مقرنا، وكانت هناك ربيئة للجيش العراقي قديمة ومهجورة وتشرف على المنطقة استخدمناها كمكان للرصد والحراسة.

في الساعة الأولى من فجر يوم 1 آيار، حيث صعدنا الى الربيئة المهجورة كعادتنا، واذا بنا نتعرض الى وابل من الرصاص من قبل قوات اوك التي سيطرت على مكان مراباتنا أثناء الليل دون أن نعلم!، فسرعان ما انتشرنا في المنطقة ودارت بيننا وبينهم معركة استمرت حتى المساء، ولم تستطع قوات أوك التقدم مطلقا بسبب مقاومتنا الشديدة لهم، ولم نقدم في هذه المعركة اية خسائر عدا تعرض النصير أمير للاصابة.

وفي اليوم الثاني، شاهدنا النيران مشتعلة فوق القمم الواقعة خلف مقرنا، فأدركنا أنّ قوات أوك احتلت القمم التي تقع في ظهرنا. في هذه الأثناء جاءتنا أوامر بالانسحاب الى موقع بولي، وكان عددنا اكثر من 50 نصير، فسلكنا السفوح التي تفصل القمم الجبلية عن الوادي، لكننا بعد مسيرة ساعتين تقريبا، وقعنا في كمين لقوات أوك، التي نصبت دوشكة في موقع استراتيجي واستطاعت ان تشتت مفرزتنا، كما قدمنا في هذا الكمين العديد من الرفاق الابطال شهداء. بعض منا تمكن من الوصول الى بشتاشان، أما أنا فنزلت مع النصير أبو آمال والنصير نهاد (الذي هو من انصار سرية الشهيد خضر كاكيلي)، نزلنا الى الوادي واحتمينا ببعض الصخور فنجونا من الموت، وفي المساء شاهدنا الدخان يتصاعد من مقر رفاقنا في بولي. 

عندما اختلط الظلام، أقترحت على رفاقي الذهاب الى مكان قريب من قرية (ايندزي) الواقعة على احد سفوح قنديل، وبقينا في تلك الليلة هناك من دون أن نعرف أية معلومات عن القرية واهلها ومن يتواجد فيها. ثم قررت الذهاب الى القرية وحدي من أجل الحصول على الأكل والمعلومات، فذهبت ودخلت أحد البيوت القريبة وسلمت على العائلة وحصلت على الأكل وعدت الى رفاقي مسرعا.

في اليوم الثاني نزلنا ثلاثتنا الى قرية (ايندزي)، ودخلنا الى نفس البيت، فاستقبلونا أهله وتعشينا معهم واخذنا معنا كمية من الأكل ثم صعدنا الى قنديل. وفي اليوم الثالث سمعنا صوتا غريبا من شخص لم نكشف له عن أنفسنا، حيث اعتقدنا انه من جماعة أوك ويبحثون عنّا. وعندما ذهبنا أثناء الليل الى القرية ودخلنا الى نفس البيت، أخبرونا بأن حاج مصطفى ذهب الى قنديل يبحث عنكم، وكان قد جلب لكم معه الأكل، لكنه لم يجدكم وهو يعرف انكم من أنصار الحزب الشيوعي العراقي. فطلبنا من أهل البيت ان يدلونا على بيته الذي لا يبعد عنهم أكثر من ثلاثة دقائق. وفي الليل ذهبنا الى بيت حاج مصطفى، فصادفتنا أمرأة في الطريق، وعندما سلمنا عليها ردت السلام بحرارة وقالت أنا أعرفكم: أنتم من أنصار الحزب الشيوعي، ثم عرفتنا بنفسها وقالت: انها زوجة الشهيد (عولا سور)، والشهيد عولا سور كان آمراً عسكريا شجاعا ومحبوبا وهو من أهل قرية (ايندزي) من جماعة (حسكه) وصعد نجمه في المنطقة فاغتالته جماعة من اوك في (دوله رقه).

استقبلنا حاج مصطفى بالترحاب بعد أن انتهى من صلاته، فقال تأخرت بالصلاة عمدا قلت انشا لله ستاتون الينا وناكل الدولمة سوية. وهكذا أمضينا عدة أيام بنفس الطريقة، وكنا نريد الحصول على الأخبار من أهل القرية التي مع الأسف كانت أخبارهم تقول ان لدينا الكثير من الشهداء والأسرى بالاضافة الى حرق مقراتنا وان عبور قنديل صعب جدا بسبب الثلوج الكثيفة. وعلمنا أيضا ان رفاقنا وصلوا الى (سيلوه) و(زيوه) بمساعدة حدك العراقي. وفي أحد الأيام شاهدنا سيارة تدخل الى القرية، ثم سمعنا اطلاق نار، كانوا من جماعة أوك وقد حذروا أهل القرية من تقديم المساعدة لنا، قائلين بأنهم يعرفون بوجود الأنصار الشيوعيين في المنطقة ونبحث عنهم من أجل أسرهم.