المفارز الأنصارية في قاطع بهدينان، تحل في كل مساء، ضيفاً على القرى التي تقع ضمن جغرافية حركتها وخطوط تنقلها باتجاه الأهداف المرسومة التي تنوي تنفيذها. انّ معظم القرى في تلك المناطق لا تتسم بالرفاهية والبيوت الكبيرة، لذا اعتادت المفارز على عدم المبيت في بيوتها لعدم وجود متسع في غرفهم الصغيرة. كما تراعي مفارز  الانصار الجانب الأمني، وعدم التشتت في بيوت متباعدة في القرية.

عند دخول القرية، يكون في استقبال المفرزة مختارها الذي يعمل على توزيع الأنصار على بيوت القرويين حسب امكانياتهم المادية لتناول العشاء. وحين يهم الأنصار - البيشمه رﮔﻪ بالخروج منها، تقوم النساء بتزويدهم بكيس يحتوي على وجبتي فطور وغداء لليوم القادم ، وغالبا ما يتكون الطعام من الجبن الجاف (جاجي) وأرغفة خبز وقليل من الشاي والسكر، كما يعطون لكل نصير فراش كامل للمبيت خارج الدار.

في الصيف يكون المبيت على سطح دار او اكثر من دار في طرف القرية، تحسباً للطوارئ، وفي الربيع والخريف والشتاء في قاعة المسجد او في غرفة واسعة أو غرفتان في بعض القرى.

المبيت في الجامع 

في احدى المفارز في تلك المناطق، صادف وان تواجدت نصيرتان، أنا ام نصار والنصيرة  أم طريق. وعند مرورنا بواحدة من هذه القرى، رفض المختار المبيت بالجامع لأسباب تتعلق بالحرام والحلال، وأن النساء لا يجب أن يدخلن الى الجامع حسب رأيه.

وبعد حوار طويل دار بين آمر السرية والمختار، اتسم  مرة بالشدة وأخرى بالتراضي،  وافق المختار على مضض ان ننام في الجامع، ولكن بشروط تجاهلها آمر المفرزة.

حين سألت احد الرفاق الاكراد معنا في المفرزة.......

-   رفيق ما سبب منعنا من المبيت في الجامع؟  أجاب:

-   رفيقة!  لأن أنتم غير نظيفات (قضايا  بيولوجية) واحتمال تمسكون القرآن!.

 انتفضت في وجهه.....

-  لماذا يا رفيق! هل تعني أن لدينا جرب حتى نمنع من دخول الجامع؟ فرد علي باعتذار:

-  آسف رفيقة!  ليس أنا الذي منعكم من المبيت بالجامع بل المختار. ليس ذنبي حتى تنفجرين بوجهي هكذا!.

الحراسة

اعتاد الانصار عندما يدخلون الى القرية أن يقومون بالحراسات طوال ساعات الليل، وان يتم توزيع ساعات الحراسة على اعضاء المفرزة.

في احدى المرات تم تبليغي بالحراسة الأولى. كان الوقت عند الغروب. وقام آمر الفصيل المسؤول عن تنظيم الحراسات بتحديد المكان الذي احرس من خلاله، وكان مكان حراستي في المقبرة. لم أستوعب الأمر في البداية، كيف ان اقوم بالحراسة من المقبرة!،  فقلت له:

-  رفيق بالمقبرة؟ أجاب:

-  نعم  رفيقة!  بالمقبرة.

رغم ما معروف عني في المفرزة، بأني لا أخاف، لكني استصعبت فكرة الحراسة في المقبرة وخاصةً وقت الغروب. وحشة المكان ورهبته أعادت لذاكرتي حكايات جداتنا عما يحصل بالمقابر من قصص عن  السعلوة  والطنطل والاشباح التي تظهر من القبور!. كنت حائرة!، اتلفت نحو اليمين واليسار، وافكر ما بين حراسة المفرزة  والطنطل  والسعلوة  اللذان يحومان حولي!.  تلك الحادثة بقيت عالقة في ذاكرتي الى الان.

(عن النصير الشيوعي )