سارت الامور بشكل جيد بعد ان التحق اكثر من 50 طالبا بالمعهد، كبار بالسن وغالبيتهم متزوجين ولديهم اطفال، قسمنا الطلاب الى صفين دراسيين اتولى انا قسم منهم وصاحبي حسين السميسم القسم الثاني، يسكنون في الاقسام الداخلية ضمن جغرافية المعهد.

قدمنا طلبا الى ادارة المعهد يتضمن خطة عملنا والالتزامات المترتبة علينا وكذلك اسلوب التدريس وضبط الطلاب اثناء الدروس. قلت لمدير المعهد: الطالب الذي يتاخر عن الحصة الدراسية سوف لن اسمح له بدخول الدرس وانما ينتظر خارجا اي انا اخر من يدخل الصف الدراسي وكذا الحال لزميلي الاخر الاستاذ حسين السميسم وكذلك طلبنا بعدم تدخل اساتذة المعهد في حصصنا الدراسية باستثناء الاشراف من قبل ادارة المعهد، وطلبت الحصول على الموافقة من الوزارة بتوفير اماكن العمل للطلبة اثناء العطلة الصيفية كتطبيق عملي للدروس المقدمة لهم بالاضافة الى تدريبهم على سياقة التراكتورات بانواعه المختلفة وطلبنا الاستفادة من جهاز الرونيو المتوفر في المعهد لطبع الكراريس العلمية المتعلقة بالمواد التي نقوم بتدريسها للطلبة، وفعلا تم ما اردنا بحيث استطعنا جلب جهاز الرونيو الى الشقة لطبع وتهيئة ما قمت بترجمتها من اللغة الروسية الى اللغة العربية، على امل الحصول على الموافقة للامور الاخرى، كان ذلك موضع ارتياح كبير لمدير المعهد وادارته .

بعد اسبوعين من مباشرتي العمل توجهت الى العاصمة لابلاغ الرفاق بالوضع واستقرار عملنا هنا في ولاية تيارت، بلغت من خلال مسؤولي الحزبي الذي ارتبط معه بان هناك رفيق اخر يمثل صلتي الحزبية وهو الرفيق الفقيد عدنان عاكف، الانسان الرائع، دمث الاخلاق والمعشر يعمل بنكران ذات بصورة فوق الاستثنائية، التقيت به ليخبرني بضرورة تشكيل هيئة حزبية في الولاية وزودني باسماء الرفاق المتواجدين وعليّ الاتصال بهم حسب العناوين. نظرت الى القائمة واذا الرفيق ابو هيمن قد تم تزكيته بالاضافة الى الرفاق حسين هاني (ابو زياد)، ذهب " لا اتذكر كنيته "، الرفيق رشيد عزيـز (ابو ماجد كردي فيلي  التحق بحركة الانصار لاحقا ولكن لم يبقى طويلا وغادر كردستان).

عدت ثانية الى الولاية وابلغت الرفيق ابو هيمن بالخبر، فرح بما سمع، وفي الاسبوع الاخر توجهت الى منطقة " اشبه بقرية يك ماله  / كاطين " حيث الرفيق ابو زياد على بعد 40 كيلو مترا من مكان عملي وهكذا جرى الاتصال بالرفاق الاخرين وبقي صاحبي حسين السميسم كصديق متبرع للحزب.

سارت الامور كما خططنا لها، وبعد فترة تحولت شقتنا الى مقر للكثير من العراقيين، الرفاق منهم والاصدقاء، توطدت علاقتنا بالشبيبة الجزائرية في المدينة وقدموا لنا كل المساعدات المتوفرة بعد معرفتهم بتوجهاتنا السياسية، كانت زياراتهم تتم بحذر شديد خوفا علينا من شعور السلطات الجزائرية بوضعنا السياسي، كما وطدنأ علاقاتنا مع ممثلي الجبهة الديمقراطية الفلسطينية بحيث كنا نطبع بعض نشرياتهم اثناء وجود جهاز الرونيو في الشقة، بالاضافة الى علاقات الطلبة بنا وزياراتهم المتكررة الى الشقة وكنا نتلقى الاطعمة والفواكة العديدة عند زياراتهم الى اهاليهم في القرى المحيطة بالمدينة واغلبهم من القبائل والعشائر المنتشرة في الجزائر.

انتظمت الاجتماعات الحزبية للهيئة بـعد اكتمال الصـلات مـع كـافة الرفاق ضمن القائمة المبلغ بها سـابقا وقسمنا العمل داخل الهيئة وتحديد مواعيد الاجتماعات اللاحقة، كل هذه الامور كنت ارفق تقريرا بين فترة واخرى الى مرجعي الحزبي في العاصمة عند زياراتي المتكررة لها.

نظام الرواتب الذي كان سائدا في الجزائر بان يحق لغير الجنسية الجزائرية تحويل 75 % من راتبه الى عملة اجنبية " نظام الشيكات، يوضع راتبك في رقم حساب مخصص لك "، لذا العاملين في المؤسسات الجزائرية كانوا يحولون مبالغ من رواتبهم الى الفرنك الفرنسي شهريا. بعد استقرار وضعنا الوظيفي والمعاشي طلب الحزب من رفاقه بدعم مالية الحزب من هذه التحويلات يذهب مباشرة الى الحركة الانصارية في كردستان بعد ازدياد اعداد الملتحقين بها سواء من خارج الوطن أو الرفاق الذين تمكنوا الافلات من قبضة السلطات الدكتاتورية في داخل الوطن.

استمر الحال بنا بشكل سلس ومنتظم والعطلة الصيفية على الابواب، ابلغنا من قبل ادارة المعهد بالحصول على الموافقة بتدريب الطلبة وعملهم في المعامل والمؤسسات الجزائرية مقابل مخصصات مالية بسيطة طوال العطلة الصيفية. بدأنا انا وصاحبي حسين السميسم بتدريب الطلاب على سياقة التراكتورات العادية والمجنزرة خارج المدينة في مساحة كانت مناسبة جدا للتدريب.

كانت ادارة المعهد وبالاخص مديره في غاية الارتياح من عملنا للسنة الدراسية التي بدأنا بها في وقت متأخر من شهر نوفمبر / تشرين الثاني عام 1979.

عدت ثانية الى العاصمة قبل البدء بالعطلة الصيفية ضمن زياراتي الروتينية، أُبلغت من قبل مرجعي الحزبي ان استعد للالتحاق بالحركة الانصارية والتوجهة الى كردستان في بداية العطلة الصيفية.