قضينا على مدى اكثر من ثلاثة اسابيع من اجمل وامتع فترات الراحة،" ذابيها على الصاطور " طالما وجهتنا خطوط الجحيم مع الدكتاتورية الفاشية، ((قضينا اياما في دمشق كان لها طعما اخر وذكريات لاتنسى ولاسيما مع  " المشاكس الطيب " ابو مازن وهو القادم من الجزائر بعد ان ترك عمله حاله حال الاخرين وما حدث في ملهى شهرزاد الذي ارادوا زيارته قبيل السفر وما حدث من مشاجرة ادت الى غلق الصالة وكادت ان تطيح بمشروعنا لو تطور الامر الى السلطات الامنية، لا سيما وان الوضع في سوريا كان ينذر بالخطر من جراء نشاطات الاخوان المسلمين والاغتيالات التي تجري هنا وهناك)) هذا ما ذكره الرفيق ابو علي " الدكتور محمد الحجاج القادم من لينينغراد في الاتحاد السوفياتي " في كتابه المعنون ( تجربتي ) .

الصدفة كانت لها الدور الاكبر في اللقاء بالاصدقاء الاحبة على سبيل المثال الرفيق ابو علي، الرفيق عبد القادر البصري " ابو طالب " والذي اصبحنا المجموعة المتجهة الى قامشلي فيما بعد. ايامنا في الشام لم  تخلو من المقالب سواء في الكازينوهات او البارات التي نرتادها، بحيث لن نعود الى ذات المكان مرة اخرى، ومن اجمل المقالب مع الطيب الذكر الرفيق " ابو جليل، المكلف بترحيل الرفاق الى كردستان من دمشق. ارسلت طلبا الى شقيقي المتواجد في بيروت " ابو سلام " والذي سمي فيما بعد بــ ابو حسن القامشلي، جاء في اليوم الثاني من ايصال الخبر اليه، بقي ليلة في دمشق تحدثنا كثيرا حول كثير من الامور العائلية وغيرها، اقترح علي المجيء الى بيروت والبقاء هناك، قلت لا وجهتي الى كردستان وليس مكان اخر، وعند عودته سلمته شهادتي الجامعية مع ملحقاتها والتي اتلفت عام 1982 اثناء قصف منطقة الفاكهاني من قبل القوات الاسرائيلية اثناء هجومهم على الفصائل الفلسطينية في تلك المنطقة من بيروت.

من اللقطات الجميلة لقاء الرفيق ابو هيمن باهله، كنا نبحث في الوجوه في مقام السيدة زينب وابو هيمن يترك لنا العلامات الدالة على اهله وطريقة لبسهم كحال اغلب عوائلنا الى ان وجدهم في تلك الزحمة من الناس الزائرين الى المكان ذات القدسية الخاصة، فرحتنا انا والرفيق ابو علي كان اكثر ظاهرا من الرفيق ابو هيمن، توجهنا الى الفندق لكي ياخذوا قسطا من الراحة، حينها خرجنا انا والرفيق ابو علي لنترك صاحبنا مع اهله يدردش على هواه .

استلمت اشعارا بان شخصا سيلتقي بنا، انا والرفيق ابو هيمن، خمنت مباشرة بان هذا الشخص مرسل من الحزب بعد ان حددوا لنا موعدا للاجتماع في مكان تم تحديده من قبلهم، بعد سماعي الخبر ابلغت صاحبي بذلك وتوجهت الى سوق الحميدية لشراء كل مستلزمات السفر وحتى ما يحتاجه الانسان في المقرات عند وصولنا الى القواعد الانصارية في الوطن، كل شيء وحتى اقتنيت قطعة قماش خاكية لكي اخيطها هناك وحسب الازياء السائدة في الجبل، لكن مع الاسف ضاعت كل تلك المشتريات اثناء مسيرة العبور الى الوطن ولم يبق لدي سوى جواز السفر الذي بدوره تعرض الى الفقدان اثناء رمي الرفيق ابو زهرة نيكوتين لعليجته في الطريق في احد الوديان العميقة داخل الاراضي التركية .

كنت اعلم بمهمة الطيب الذكر الرفيق ابو جليل من خلال الرفيق ابو علي ولذا عملنا عدة مقالب مضحكة معه، وصلنا موعد ومكان الاجتماع، قلت لصاحبي ابو هيمن ادخل اولا ومن ثم اتبعك، كانت المفاجئة لي وللرفيق المشرف على الاجتماع، انه الرفيق طيب الذكر ابو جليل، فتح عينيه بتعجب وقال: ماذا تعمل هنا ايها الرفيق؟ قلت وانا مبتسما، رفيقي العزيز انا مبلغ للحضور الى هذا الاجتماع، انفجر الحضور بالضحك، ابو علي وابو هيمن وانا والرفيق ذاته: لا يا ملعون صارلك اسبوعين امدمر اعصابي وإلحاحك على الرفيق ابو علي بالتوجه معك الى الجزائر وايجاد عمل له .

كـنا اربعة رفاق ابو علي الذي كلف بقيادة المجموعة وحسب المراتب الحزبية (التي كانت سائدة حينذاك) والرفيق عبد القادر البصري " ابو طالب – ابو طويلب "، الرفيق ابو هيمن وانا. في ذلك الاجتماع تم تحديد كل الامور المتعلقة بالسفر الى القامشلي ومن يستقبلنا حين الوصول الى جانب الامور الاخرى مكلف بها الرفيق ابو علي .

لم يتبقى لدينا سوى ايام معدودات، علينا الحصول على تاشيرة الدخول الى تركيا من قنصليتها في دمشق طالما جوازات سفرنا رسمية وندخل الحدود بالطرق الاصولية .

يا جماعة الخير .... ما باقي لنا سوى ايام ونترك ملذات الشام، قلت لجماعتي، علينا استغلال ليس فقط الايام وانما كل دقيقة من الوقت المتبقي قبل السفر، بارات ....ملاهي ... كازينوهات ... مطاعم بحيث لن نترك شيئا يعتب علينا .

عن جريدة النصير الشيوعي العدد 13