في الشهر السادس من عام 1985، إلتحقت زوجتي، الرفيقة ام علي (مشمش) بحركة انصار الحزب الشيوعي العراقي في موقع (مراني) للفوج الاول / قاطع بهدينان، وبرفقتها ولدانا الصغيران: نصير (مشمش) ذو الاربع سنوات والنصف، وشقيقه مسار (سمسم) ذو السنة الواحدة وشهرين من العمر. انتقلت الرفيقة أم علي من  العمل الحزبي في الداخل، وإلتحقت بالانصار  من دوني، اذ إلتحقت بهم بعد حوالي عشرين يوماً.

كانت ام علي (ولا زالت) تعاني من (اكزما) شديدة في اليدين، لكن الأشد ألماً، ما حدث  لولدنا نصير (مشمش) الذي لم يبلغ الخامسة من عمره بعد، فقد اصيب جلده، وفي جميع انحاء جسده بحساسية غريبة، ادت الى تقيّح شديد!. كانت المشكلة كبيرة لهذا الطفل الصغير الصبور، فعندما يستيقظ صباح كل يوم، يجد ملابسه ملتصقة بجسده، ولايمكن تبديلها الاّ بعد وضعه بـ(طشت) ماء دافئ، يمتلأ حالا بالقيح والدماء الغزيرة. بهذه الطريقة تتمكن والدته من غسل ملابسة وتغييرها رغم قلّتها.

حاول الرفيق الدكتور عزيز الشيباني (جهاد)، طبيب الفوج الاول، والذي يقيم حالياً في امريكا على ما اظن، معالجته ببعض المراهم المتوفرة لديه، الاّ ان ذلك لم يعط نتيجة، فطلب انواع اخرى من المراهم من داخل الوطن عن طريق رفاق الداخل، الاّ ان ذلك لم يجدِ نفعا.

في تلك الاثناء، إلتحقت أنا بعائلتي في مقر (مراني)، فجاء لزيارتنا في كبرتنا (غرفة من اغصان  الاشجار)، احد  الاخوين الرفيقين: كفاح كنجي ام صباح كنجي (للاسف لا اتذكر بالضبط من منهما)، واقترح علينا ان يدعو احد الشيوخ الايزيديين الكبار، والذي له خبرة بالمعالجة بواسطة المواد الطبيعية المتوفرة، فوافقنا فوراً. كنّا نتشبث بأي أمل واية محاولة من اجل مساعدة طفلنا.

بعد ايام قليلة، جاءوا بالرجل. نظر متفحصا التقيحات في جسد مشمش، ثم قال: "اجمعوا يومياً اوراق اشجار الجوز (موجودة بكثرة في مقر مراني)، على ان تكون من الاوراق الجديدة، وغليها بالماء، ثم على الطفل ان يشرب من نقيعها عدة مرات باليوم، واضاف، ان لم يعجبه الشراب، فلا بأس من اضافة قليل من السكر". نصير طفل شجاع وودود (وما زال كذلك)، بدأ بشرب ماء اوراق الجوز المغلية لايام قليلة، واذا بالقيح يختفي، وتختفي معه الحساسية تماماً وبلا رجعة!.

نعم العلاج الطبيعي، ومن يد شيخ خبير، انقذ ولدنا من معاناته الكبيرة. لهذا الشيخ، الذي لم اعرف اسمه، الذكر الطيب ابداً، والشكر موصول لآل كنجي لمبادرتهم الرائعة.

النصير الشيوعي العدد 30 السنة الرابعة كانون الثاني 2025