مغارة (شكفته) تابعة لقرية (بيرموس)، بالقرب من مدينة القوش (ده شت الموصل)، هي المقر المتقدم للأنصار الشيوعيين العراقيين في تلك المنطقة.
الشارع العام (الطريق الدولي الواصل بين دهوك والموصل)، يؤدي إلى المقر من الجهة المقابلة لمعسكر (فايدة)، وهو عبارة عن تجمع لعدة قرى، افرغها النظام البعثي البائد من سكانها بعد عام 1975، ماعدا قرى (سينا وشيخ خدر) القريبة من الشارع، والتي لا يصلها الانصار الا ما ندر، بسبب ركائز السلطة ومرتزقتها الموجودين فيها.....
احداث عملية (بيرموس)......
كنت في مقر (مراني) الفوج الثالث، عندما كلفني والشهيد شيروان عقراوي، الرفيق سلام صبري (ابو امجد)، بايصال رسالة مستعجلة، إلى منطقة عمل السرية الرابعة، وتسليمها الى احد الرفاق في مقر (بيرموس).
في صباح ذلك اليوم، تحركنا باتجاه تلك المنطقة، فسلكنا الطريق المار بقرى (شكفته، كانيكا، نصرة، وربتكا، وهسنكة، ثم بينارنكي، وقرية دزي (قرى مأهولة)، وواصلنا باتجاه مقر (بيرموس)، نسابق الزمن، لكي نتفادى التحرك في الظلام، وكذلك من اجل الوصول في الموعد المحدد، فكانت مسيرة متعبة جدا بالنسبة لنا.
بعد ثمان ساعات من المشي المتواصل في الطرق الوعرة، محملين بالسلاح وحقائب الظهر، وصلنا الى مقر (بيرموس)، فوجدنا الرفاق ياسين و روبرت (استشهد الرفيقان في ما بعد)، وطيب الذكر النصير شوكت، بانتظارنا.
جلسنا مع رفاقنا، لكي ناخذ قسطا من الراحة، بعد ان ارهقنا صعود قمم الجبال والنزول الى وديانها ومنحدراتها. في هذه الاثناء، ونحن نتحدث ونرتشف الشاي، سمعنا الرفيق روبرت وهو ينادي على الرفاق: طالبا منا ان نتحقق مما رأه بواسطة الناظور الذي يحمله بيده، فشاهدنا (عجة) ترابية كبيرة، خلفها عدد من الآليات المتحركة في الشارع الترابي المؤدي إلى مقرنا (بيرموس )، والذي يشرف على (كلي كورتك) .....
بعد التداول في الموضوع (اجتماع مصغر)، تهيأنا للقتال، ووزعنا الأدوار (الهجوم والاسناد)، حسب الأسلحة المتوفرة لدينا. كان معي سلاح (RBK)، ومع الرفيق شيروان عقراوي (قنّاص) جديد، اما الرفيق ياسين، فيحمل بالاضافة الى الكلاشنكوف قاذف (RBG7)، والنصيرين رويرت وشوكت، فمعهما بنادق الكلاشنكوف.
توجهنا لفتحة الوادي (كلي كُرتْك)، وكمنّا لهم هناك. كانت خطتنا ان نوجه لهم نيران بنادقنا حال وصولهم الى نقطة تقع في مدى رماية اسلحتنا. وبالفعل، خلال دقائق وصل الى تلك النقطة، حوالي مائة مقاتل من عناصر الاستخبارات، التي يشرف عليها علي كيمياوي، ومعهم (زيلان او ثلاثة)، وتركتور، وعربتان.
بعد فترة قليلة، اقتربوا من مكان تموضعنا، وقبل ان يتواروا خلف تلة قرية بيرموس (المهجورة)، فاجأناهم بالرصاص الكثيف وقذائف اسلحتنا الاخرى، حيث ركز الرفيق شيروان بقناصه على السائق وجواره اولا، فتوقف الزيل الأول بالقرب من رفاقنا المهاجمين. ترجلوا من الزيل، وتوجهوا حيث نحن، فتفاجأوا بهجوم من جهة الاستدارة، واصبحوا وجها لوجه مع رفاقنا. في هذه الاثناء بادرهم الرفيق ياسين بقذيفة مْعدَلة RBG7، وتلاها بأخرى مصحوبة بالهتافات بحياة الحزب الشيوعي العراقي، وحركة انصاره البواسل.
هكذا دارت المعركة بيننا وبينهم، واستمرت لساعات، حتى اصابهم الهلع، فهرب قسم منهم باتجاه منطقة kavry (وزير)، وفرّ القسم الاخر من الجحوش بواسطة التراكتور وعربته، ثم هربت الزيلات مخلفة ورائها مدفع هاون 81 مع قاعدته واسيرين، استسلما باسلحتهما عندما حاصرهما رفاقنا شوكت وياسين وروبرت.
خلال انسحاب العدو بطريقة سريعة وجبانة وغير منتظمة يجر اذيال الخيبة والهزيمة، وعلى بعد اكثر من كيلومتر عن مقر (بيرموس)، تعرض بشكل مفاجئ الى اطلاق نار، يبدو ان مصدره كمينا نصبه ابناء المنطقة الهاربين من الجيش....
في اليوم التالي، أخذنا الأسيرين والغنائم إلى مقر (مراني)، حيث تبين ان احد الاسيرين، واسمه علي، قريب لاحد رفاقنا الانصار.........