كان الطريق أمامنا طويلا ً، إذ علينا ان نجتاز السهول والوديان والجبال. الشمس تصلينا صيفا ً والمطر يعاقبنا شتاء، في تلك الطبيعة الموحشة كنا ننسج أحلامنا، وجوهنا السمراء وعواطفنا المتحمسة ترفض الحرب.

مازلنا نذكر كم كان الحلم الذي نحمله في قلوبنا كبيرا، كنا نبذل الجهد ولا ننحني تحت ثقل التجربة. لم تستطع الحياة ولا سخريتها من ان تخرجنا عن طورنا، وكاننا أقسمنا ان نتحمل كل شيء، الفلاحون يشفقون علينا ويرددون بلهجتم الكردية :عرب ه فقيره.

قلنا لهم ونحن نبتسم: نحن بشر طيبون وكل منا يحمل قصة مذهلة. لم يقنع أهالي القرى او لم يفهموا لماذا نحن تركنا عوائلنا ودراستنا وأتينا لنجدتهم. أما نحن فقد واصلنا مسيرتنا داكين الأرض التي تحت أقدامنا، نحاول ان لا نفقد التوازن. نتوقف و نستجمع قوانا ونواصل من جديد دون أي تذمر في تلك الحياة البدائية والخطرة، متعاضدون، مصير أي منا يتوقف على حياة ألآخرين.

في كل صباح، نحمل بنادقنا بحثا عن هدف عسكري او عن مكان للراحة. قبل المساء تتحرك المفرزة، ونسير ونسير ونتظاهر بأن شيئا ً لم يحدث، مع إننا كنا نرى واقع الحال ليس على ما يرام في زمن الحرب.

مصائب الوطن تدهشنا بقسوتها، لكن كل ذلك لا يمنعنا من ان نقاوم الظلم بالسخرية والمرح، ولا نأخذ صعوبات الحياة على محمل الجد. ان اشد ما يدهشنا هو تلك المرونة وتحملنا لتفاصيل التجربة في تلك المناطق الوعرة، صرنا نتساءل: ماذا نسمي من يتحمس لمقارعة نظام ظالم؟، هكذا صار مصيرنا يتعلق بالحرية، او بمحاولة التأثير وحلحلة الواقع المعقد، فها نحن نحاول ان نبث الحياة في الصخر والمطر ونتجاوز كل محطات الخطر.

بعد سنوات طويلة من الإلتحاق في الجبل، تغيرت حياتنا وصرنا نتوقع حدوث شيء جديد ينتظرنا، حينذاك شعرنا لأول مرة بشيء يستيقظ في دواخلنا، شيء لا يقهر، كان ذلك الشيء هو نقل تجربتنا الى ألآخرين الذين ربما لا يعرفون من أننا ضحينا بشبابنا من اجل حياة حرة وكريمة لهم.

للمزيد : النصير الشيوعي العدد 33 السنة الرابعة نيسان 2025