كانت ... قصة شهرين من حياتي..! (3) / هاني ابو زياد

14 اب – 14 تشرين اول 1988 ..3                                                

اليوم 14 اب ,كان يوم عادي كباقي الايام كما يبدو وكأن لا شيء  فيه جديد , و كأن احدا لم يدرك معنى ان الحرب توقفت وانسحبت الجيوش , لم نفكرالى اين ستذهب كل هذه الجحافل والتي حاربت 8 سنوات , قتل خلالها ملايين من البشرواصيب  اكثر, صرفت فيها الملايين من الدولارات , ودمرت مدن بالكامل  وشرد ناس لا عد لهم . كأن لم نتذكر شعار الحزب ودعوته ايقاب الحرب  او اننا تذكرناه ولكن ....... ! النظام ليس غبي فهو يفكر ايضا كما نحن , لابد من ايجاد ما يلهي  به هذه الجيوش لحين ,,  سيما وهو منتصركما يدعي. والمكان المناسب هو القضاء على من قاومه كل هذه الفترة, وشن انفاله سيء الصيت.

استيقظ الرفاق , بعد ليل ربما كان طويل بالنسبة للبعض , اشرقت الشمس لتملئ المكان بنورها  وهي تبشر بيوم جديد . يوم خالي من حروب وقتل ودمار يوم خالي من الخوف والحزن والالم , حروب ليس للشعب يد فيها وانما كان حطبها  ووقودها . اطفالنا  بالمقر كعادتهم يلعبون فرحين مستبشرين بهذا اليوم  الصيفي الجميل , يسمعون من هذا الرفيق كلمة حب ومن وذاك  ..ودجاجاتنا وهي تجر خلفها كتاكيتها متبخترة مطمانة بوجودنا ومستأنسة , كل هذا يضفي على المكان  حالة من الاستقرار والامان .

لكن الجديد كان لي انا , فقد ابلغني الرفيق امرالموقع الرفيق ملازم ماجد المهداوي ان برقية وصلت من الفوج الثالث , المسؤول عن هذا الموقع , تقول ... على الرفيق ابو زياد ان يلتحق  بالفوج الاول لاستلام  مهمة كلف بها هناك !  قالها .. ولم يقل غيرها... و راح  . عدت الى مكاني لاجمع حاجاتي ظنا مني انني ساغادر حالا او بعد حين قريب ..كل ما لدي  هو ملزمات المدرسة الحزبية , اقتصاد , فلسفة وملزمة عن الحركة  و بطانية من بطانيات المؤتمرالمعروفة بجودتها والوانها الزاهية . حصلت عليها عندما كنت مسؤول . كل هذه وضعتها  في كيس ( كونية ) , اضافة الى العليجة ( كيس يحاك من الصوف تصنعة النساء في القرى ) العليجة وما فيها هو كل مايملكه النصيرو يحتاجه  فيها  ملابس داخلية  , زوج جواريب , خاولي , معجون اسنان وفرشاة , صابونة  ,مرآة صغيرة وملقط....... قليل من السكر والشاي ,ملح و بهارات , كتاب  وراديو صغير (لازلت احتفظ به ) وبدلة كنت  قد اشتريتها  خاطها صديقنا خالد الخياط من قرية ديرش في بري كارة ,انا ما كنت  بحاجة الى ادواة حلاقة ...

اخبرت صديقي  ابو هندرين بالقرار , ومدى استعدادي  للسفر, فقد جهزت كل شيء وانتظرقرار تحديد يوم السفر ومن سيرافقني ... لا يجوز السفر الا لاثنين على الاقل  هذه هي القاعدة ...مر الوقت بطيء ولا خبر, مر يوم وبعده اخر, واخذت اقلق وافكر  كيف عليّ  تنفيذ هذا القرار . بعد يومين وصل الرفيق أشتي أوميدي ( احمد ) يمتطي  حصانه , من جولة كان فيها بالمنطقة , حاملا معه اخبار عن قدوم قوات عسكرية كثيرة الى هنا. سالته  ان كان سيعبر الى الجانب الاخر من الشارع الذي يربط العمادية  بدركوك ,,, وهي منطقة  عمل السرية الخامسة التي عملت بها سنوات ,,,. قال نعم ولكن ليس الان ربما الاسبوع القادم , اخبرته بامري . قال لكنه لا يستطيع المرور بالمقر هنا  واقترح ان انتظره في قرية دركني عند الرفيق دشتي والبقاء هناك لحين  مروره  بي لنعبر معا  ...  واخذ معه الكونية ...انتظرت ليومين اخرين  دون ان يحدث الي جديد .. كان صديقي  ابو هندرين  يحثني ويذكرني  بضرورة  الالتحاق بالفوج الاول ربما هم بحاجة لي , وانا انتظر من بارح  مطر ... حتى يوم 19 اب ....   اخترت ان تكون القصة من يوم 14 اب  لان الامر بدأ يهمني بشكل شخصي فهذه رحلتي  وسيكون حديثي عن نشاطي اللاحق  بعد البرقية ... يتبع