كانت ... قصة شهرين من حياتي..! (4) / هاني ابو زياد

14 اب – 14 تشرين اول  1988...4

اليوم 19 اب , يوم كباقي الايام لا جديد فيه يختلف عن الامس . استيقظ الرفاق في الصباح الباكر, فمهمة الحرس الاخير ايقاظهم وخاصة رفيق الخدمة الرفاقية لهذا اليوم , بعد الفطور تفرقوا  كل الى صومعته  عدا من لديهم واجبات  خدمة رفاقية , خبز وحراسات   .. انا كنت قد قررت السفر هذا اليوم  بعد ان يأست  من ان قيادة الموقع ستبعث معي من يرافقني من الرفاق الى الفوج الاول , ربما كان لديهم الحق , من هذا ؟ الذي يترك موقع خلفي  بعد الزاب ليذهب الى موقع متقدم  في العمق العراقي والجيوش تزحف  لتطهير المنطقة من البيشمركة والانصار.... كان قرار التحاقي الى الفوج الاول عبر برقية غيرقابل  للنقاش او الرفض !.. عندما قررت القيادة غلق المقر في زيوة والغاء القاطع وتوزيع رفاقة  . كان الرفاق  يخيرون بين الفوج الاول , الفوج الثالت  والسرية الخامسة  المستقلة  وحتى كافية المقر الخلفي لقاطع اربيل , ولكن يؤخذ بنظر الاعتبار الحاجة  ايضا الى هذا الرفيق اوذاك وخاصة  الرفاق الكوادر العسكرية والحزبية ¸  اما في حالتي هذه فلا خيار .. اذن عليّ السفر لالحق  بالرفيق اشتي الذي سوف يلقاني في قرية دركني عند الرفيق دشتي ,ساذهب لوحدي واكسر القاعدة , كنت جاهز منذ وصول  البرقية وقد اتفقت مع صديقي ان  اذهب معه الى الزاب نصطاد السمك ومن هناك اذهب الى مقر القاطع القديم في زيوة حيث الرفاق هناك ..كان معنا  رفيق ملتحق جديد يصطحبه الرفيق ابو هندرين معه  للصيد اسمه حسين ( انسحب هذا الملتحق مع الرفاق  الى ايران وبقي معهم  فترة ثم اختفى قيل انه فضل السفر الى طهران على البقاء معنا .. ربما هو الان مسؤول كبير بالدولة !!! ) ..ودعت الرفاق وابلغتهم باني سالتحق  بالفوج الاول  ورجوتهم ابلاغ امر الموقع .. .بعد ان قضينا  جزء من النهار عند مصب النهر , واكلنا  ما جاد به الزاب من سمك  ودعت الرفيق ابو هندرين والملتحق  على امل اللقاء  وتركتهم  ومشيت  . كان الوقت عصرا والمسافة الى ( التلفريك ) والعبور الى الجانب الاخر من الزاب  ليست بعيدة ربما  ساعة واحدة او اكثر بقليل .. وصلت وعبرت الى الصوب الثاني وصعدت ببطأ الى فصيل الاسناد فالرفاق  يقيمون هناك . مررت على قبور الرفاق الشهداء ابو رزكار وابوفؤاد بجوار الفصيل وسلمت عليهم ...التقيت بعدها  الرفاق الشهداء الثلاثة ( ابو الوسن  وابو جواد وابو سعد) والرفيق منذر , لا جديد لديهم سوى انهم  يهتمون بالمزرعة والرفيق  منذر يقوم بواجبه  ,, على الجهاز.( جهاز الارسال ) . بت الليل هناك على امل  ان اجد من ارافقه غدا الى قرية دركني بالجانب الاخر من الجبل , وهذا ممكن فالكثير من القرويين ياتون الى مقر حدك المجاور لحل مشاكلهم ..وهذا ما حدث فعلا فقد  مر من هناك  شاب  اسمه خسرو من العمادية  بيشمركة في منظمة الشهيد عكيد  لحدك وانا اعرفه وهو كذلك كان بالمقر وهو ذاهب بنفس طريقي مرورا بدركني .اخذت قليل من الخبر والماء  وسرنا معا باتجاه  دركني  وكان جل حديثنا عن ما سيؤول له الوضع وهل سيقاتل  حدك ام لا  ..... ؟؟؟!!! بعد حوالي الساعتين او اكثر  وصلنا الى قرية دركني والتقينا الرفيق دشتي كان اليوم 20 اب ...دركني قرية تقع بين الزاب والشارع الذي يربط العمادية بدرلوك خلف قرية سركلي  تقع على سفح الجبل المطل من جانبه الاخر على الزاب  يسكنها خليط  من الكرد والاشوريين عاشوا معا عشرات من السنين وربما مئات, لا يمكن ان  نميزهم  الا من اسمائهم ورائحة المستكي ,, فالقادم والغادي  يشمها على بعد مسافات بعيدة .. نعرفهم ويعرفونا , فهم اهلنا  ,عشنا في وسطهم سنوات , لكن القرية خالية من الناس  الوحيد فيها الرفيق دشتي وهو ليس من سكانها  اصلا وانما من العمادية  .فهو رفيقنا ومسلح بسلاح الحزب ..دركني تعتبر  القرية  الثانية في منطقة عمل السرية الخامسة بزراعة اشجار الرمان بعد قرية دهيك القريبة من سرسنك . عندما  كنا نزورها بالايام الخوالي   كنا نشبع من رمانها , البشمركة له الحق ان ياكل قدر استطاعته . كان لدى  دشتي علم بانني ساتي  والتقي  بالرفيق اشتي  لنعبر معا وكانت الكونية هناك ..  ترددت ان اخذها كلها لصعوبة حملها بعد ان نفترق انا واشتي  ولتردي الاوضاع الامنية , فاخذت البدلة فقط  وتركت الباقي على امل ان اخذه لاحقا .  بقيت بالقرية مع  دشتي الى يوم 24 اب .. اقضي نهاري  بالقراءة والاستماع الى الاخبار والاغاني طبعا  فانا من عشاق الطرب الاصيل ولا زلت , واساعد دشتي بتحضير الطعام .. كانت  اصوات المدفعية تسمع كل الوقت  بعضها  بعيدة واحيانا قريبة ..كنا انا ودشتي لوحدنا تماما فاهل القرية هجروها  واختفوا و لم ارى احدا منهم  خلال هذه الفترة ابدا.... يتبع