كانت ... قصة شهرين من حياتي..! (6) / هاني ابو زياد    

14 اب – 14 تشرين اول  1988...6

 ..بعد ان ودعنا الصديق محمد  ......انتظرنا قليلا  للامان حتى حان  الوقت المناسب  انتهزنا وقت تاخر سيارة العسكرية عن سابقاتها وعبرنا .. انا لاول مرة في حياتي  بالجبل  ارى سيارات  تمر على الشارع في مثل هذا الوقت كانت غريبة  بالنسبة لي وجديدة علي . ,, كانت  السيارات تتوقف عن المرور  بالشارع الساعة الرابعة عصرا , كنا نسمع صوت طائرات هليكوبترمن بعيد  ورايناها هناك فوق المجمعات , يبدو ان كل شيء تغير ! , . كان علينا ان نصل الى قرية بيرة زانة  والمبيت هناك الى الصباح فقرية الرفيق كاوة بعيدة  نسبيا ونحن متعبين . كان لاهل بيرة زانة كبرات يقيمونها على صبنة ( اسم النهر الذي تسمى المنطقة باسمه ) بالصيف بالقرب من مزارعهم وبساتينهم  , قصدناهم , لنسمع على مسافة من اول كبرة  صوت  ,,تو كي ,, ( من انتم بالكردية ) وسحب اقسام بندقيته  قلنا بيشمركة الحزب الشيوعي وانت  قال حدك , اقتربنا  كان بيشمركة واحد من حدك يبات هناك . رحبوا بنا و قدموا لنا الطعام .. سالناهم الاسئلة المعتادة  قالوا الوضع هاديء ولا شيء مقلق . اخبرناهم  بقدوم  الجيش وخطورة الموقف وعليهم التصرف مع  باقي  اهل القرية .  نمنا  ليلتنا  بعد ان تقاسمنا الحراسة مع الضيف الاخر. وفي الصباح  واصلنا السير بعد  الفطور الشهي,, فقد اشتهر سكان القرى هنا  بوجبة  فطورهم المميزة يقدموها للبشمركة بكل رضى وكرم , فهم  كرماء  جدا ,,, الخبز الحار والراشي (طحينة) وكشك بالسمنة  غير الشاي المفتوح العدد من الاستكانات ,. وصلنا الى اطراف قرية هفنكا او تحتها عند الظهر, افترقنا  انا والرفيق كاوة ولم نلتقي بعدها لحد الان . استمر هو الى قريته البعيدة  لوحده فلا خوف عليه  فهو من اهل المنطقة ويعرفها بشكل  جيد .. وانا صعدت الى هفنكا القرية الجميلة المعروفة .  يقصدها الناس من كل الارجاء هناك  لطحن  السمسم او القمح  ففيها مطحنة تشتغل على قوة الماء  اضافت  للقرية شهرة واعتبار , فالراشي المنتج من طاحونة هفنكة يعتبرمن اجود الانواع  ولا يضاهيه  اي راشي ,, لحد الان ,,  لنا ذكريات  فيها لا تنسى   ويرقد فيها  رفاقنا الشهداء  الاعزاء  سليم  والند  بجوار كمال الشاب الذي غرق في النهير النازل من كلي هفنكة  ايام الربيع وهو من حدك من العمادية صديقنا .. هفنكة عاصمة السرية الخامسة وعروسها التي لا يحلوا لنا مقام الا بها  لطيب اهلها وجمالها  وعذوبة مائها وصفائه .. لي فيها صديق بيشمركة من حدك تربطني به علاقة قوية  لا ابات  الا عنده عندما نكون في القرية وهو الصديق العزيز ابو شيفان . قصدت بيته فقد انتقل هو وبقية اهل القرية الى الوادي بعد ان تركوا القرية .. وانا اسير على حافة ذلك النهير  شاهدت  بالصوب الاخر منه عند غرفة الرفيق سيدو كمال  الرفاق ابو عادل السياسي  وملازم هشام  والفقيد الرفيق عايد العزيز واخر لا اعرفه ومعهم الرفاق سيدو كمال ودختور وليد واخرين.. سلمت عليهم  من بعيد , وقلت سارجع بعد ان اصل الى بيت صديقي واعبر النهير الى طرفكم ....كان اليوم 25 اب 1988 عصرا....وصلت بيت ابو شفان سلمت .. كان وضعهم صعب  وابو شفان قلق جدا  ومتعب , فلديه عائلة كبيرة  حتى والدته كانت معه تلك الايام وهي عجوز  ..قلت ساعود ..! تركت العليجة ورجعت مسرعا لالتقي  الرفاق .. لكني لم اجدهم  , سالت اين الرفاق  ؟ قيل انهم ذهبوا  ! الى اين ؟ الى كلي هصبة ( وادي الخيول ) اسم المقر  .! لماذا هم هنا اذن ؟ كانوا في استطلاع  وفي نيتهم  القيام بعملية عسكرية ضد القوات المتقدمة  ..قالها دختور وليد بتهكم ترافق ذلك  ضحكته المعروفة لنا . لماذا اذن رجعوا الى المقر ان كان بنيتهم  الاستطلاع  والقيام بعمل عسكري  ؟ ولماذا قيادة الفوج من يقوم بذلك ؟اسئلة كثيرة ترددت في ذهني  , وايقنت ان قيادة الحزب في لولان  لم تفكر ابدا بما سيحدث على ارض الواقع وهي التي تتعرض لهجوم كبير منذ ايام  هناك  ولم تصدر اوامرها  للوحدات العسكرية المنتشرة في عموم كردستان  ان يتصرفوا ويضعوا خطط  تجنبهم الخسائر .. فاننا تعودنا على الاوامر ولا نستطيع ان نتخذ اي قرار  يخص الوضع الذي نعيش به في المكان والزمان المعينين . وهذا الذي نراه  بوضوح  وينطبق على وضع الفوج الاول والثالث طبعا  وما رايناه لاحقا .. فقيادة الفوج الثالت في استطلاع ! , تركت المقر وتركت ورائها  رفاق  ليس لديهم اي تصور عن ما يجب القيام به  وما هي الخطة  . ولا اعتقد انهم  اي قيادة الفوج لديهم خطة طوارئ  او انهم اتخذوا قرار ما لحد الان .  رجعت الى بيت ابو شفان  كان هو قد ذهب الى قرية  زيوة في بري كارة  ناقلا بعص مؤن  وفرش الى هناك  لانهم قرروا والاخرين الانتقال الى بيري كارة  الاكثر تحصينا  والاقرب الى جبل كارة العظيم . انتظرته عاد  وهومتعب   اكلنا العشاء  وساعدته بتحميل البغل مرة اخري لنقل الاغراض الى قرية زيوة  .  ذهب هو وانا ذهبت الى القرية  فقد تجمع  عدد من البيشمركة  والمواطنين هناك منتظرين التقدم هذه الليلة حسب الاخبار الواردة والتي اكدت انه سيكون الان او بعد قليل .. انتظرت مع الاخرين الى الساعة الواحدة  من فجر يوم 26  اب 1988 والجميع  في كامل جاهزيتهم القتالية لكن شيء لم  يحدث . اخبرت الرفيق  دختور وليد  باني في بيت الصديق ابو شيفان  ان حدث شيء لا ينسوني  وذهبت .. كان ابو شيفان قد عاد ونمنا  ليلتنا  بقلق وارق ,,,,,, يتبع