كانت ... قصة شهرين من حياتي..! (7) / هاني ابو زياد    

14 اب – 14 تشرين اول  1988...7

لا اعرف ان كنت نمت البارحة ام ان ابو شفان هو من نام .. لا اظن اننا نمنا , ولكننا في الصباح  نهضنا بنشاط وحيوية وكان شيء ينتظرنا القيام  به , هذا صحيح فهناك الكثير ينتظرنا , فهو يجب ان ينقل اغراضه الى قرية زيوة  وانا امامي مسيرة يوم  كامل  اعبر به جبل كارة العظيم  لالحق الفوج الاول  قبل الظلام  . ساذهب هذه المرة  وحدي  فليس هناك من طريقه يتفق مع طريقي  , الناس  تنظر الى الحدود وانا الى العمق لكن الطريق امنة هذه  المرة  ليس هناك ربايا  ,على الاقل  جانب بري كارة وانا اعرفه بشكل جيد وهناك قرية سامر بها  لدي معارف هناك ازورهم  , بليط , القرية الجميلة  البعيدة كنا نقصدها للراحة والاستجمام  بعد عمل شاق ومتعب هناك قرب المواقع العسكرية والشوارع التي  يربط العمادية بسرسنك او ديرة لوك . بليط  ظهرها قوي تسنده على قطع عالى  بزاوية  90  درجة  فوقها دشت  ارضه منبسطة صعودا لا ترى فيها  شجرة ولا صخرة  , لكن هناك عين ماء , مائها وفير وبارد وهناك مكان عمله الرعاة لتشرب منه اغنامهم .. بعدها الجانب الاخر وهو كارة بممراته الوعرة الامنة لمن يعرفها وقد عرفتها ومشيت بها ,, بعدها  تكون مراني الهدف الاخير ...                      

عملت لنا الاخت العزيزة ام شفان الفطور . فطرنا بسرعة  ودعتها والاولاد  وذهبنا انا و ابوشفان بعد ان وضعنا كل شيء على ظهر البغل  وانطلقنا باتجاه بري كارة , وبمجرد خروجنا من وادي  هفنكة الى الدشت الذي يوصلنا الى مدخل  بري كارة ,  التقينا بالصديق خالد الخياط  وهو من قرية ديرش كما اسلفت بعد السلام  سال الى اين ؟ قلت الى مراني . قال  ارجو ان توصل هذه الرسالة الى بعض من رفاقنا لديهم مقر صغير بالقرب من مقركم .. ( خالد من حزب الشعب ) قلت لاباس  اخرج من جيبه ورقة وقلم  وهّم  بكتابة رسالته  واذا بطائرتين حربيتين  تمران  فوقنا  وهما على ارتفاع منخفظ ولم تكونا سريعتين جائتا من الشمال اي من جهة الزاب ,, سمعت بعدها انهما ضربتا قرية   كوهرزي  الخالية من سكانها  بالكيمياوي وكان اشتي لسوء بخته  هناك فتاثر بهذا ,,, انا شمت بما اصاب اشتي يومها , ولكن ليس من كل قلبي ,,, تركنا خالد ومضينا الى داخل الوادي وهومضيق ضيق بعض الشيء جدرانه عالية جدا وعمودية جدا  تحت قرية زيوة  كان الوداع الاخير لصديقي الحبيب ابو شيفان , لم نلتقي بعده الى اليوم  ,, سمعت انه في فرنسا مع عائلته بعد  ان ذهب الى تركيا مع الناس باليوم التالي لفراقنا  ثم اخذته زوجة الرئيس الى فرنسا مع الاخرين وهو يعيش هناك ,,  الان انا وحيد فعلا فقد ودعت من احب من الاصداقاء  والقرى  والوديان , وسرت باتجاه قرية  بليط ..  دخلت القرية وجدتها فارغة الا من نفر قليل  سالت اين الناس  ؟ قالوا عند حافة الجبل  تحت القطوع  الجبلية محتمين من القصف  , ذهبت اليهم التقيت مع من اعرفهم  قالوا نحن نخاف من قصف الطائرات  فلجئنا  الى هذا المكان  بالرغم من انه غير امن , جلست معهم بعض الوقت وودعتهم  بعدها وبدات اصعد فامامي طريق طويل  يجب ان اقطعه .. صعدت القطع بسرعة  ,بعد ذلك.. عليّ ان اقطع الدشت الفاصل بين هذا القطع وقمة كارة وبسرعة وحذر لانه خطر جدا  لو اتت هيليكوبتر فهي  اكيد ستتوقف لاركب بها حيا او ميتا .. استرحت قليلا  وانطلقت بسرعة قطعت انفاسي وضيقت على صدري , وانا اسير فالطريق صعود  ..المهم  وصلت مكان امن ومحمي ولكن مازال علي ان اصعد  قطع اخر ولكن ليس بعالي ..اخذت نفسا وشربت ماء وواصلت الى القمة والنزول الى الجانب الثاني ..  انا الان  في كارة الحقيقي .... لتاتي جيوش العالم  كلها فلا خوف الان .. استرحت قليلا وواصلت السير بتجاه المقر الى مراني  فهو ليس بعيد , كلها  كم ساعة واكون هناك ..  وصلت المغرب دخلت  من بابه الشمالية من جهة قرية اطوش  ( كان يسكنها عدد من عوائل رفاقنا ).. مررت ببيت الشهيد الرفيق  شاكر صديقي كانت خالية كما ان بيت صديقي الرفيق توفيق  بجانبها كانت هي الاخرى فارغة من اهلها  . دخلت المقر كان هادئ , ساكن لا حركة  فيه  كانه شبه مهجور  . التقيت بعض الرفاق سلمت هناك القليل منهم وكل مشغول بما  يشغله .. لم التقي مسؤول الا الرفيق ابو جواد  سلم عليّ  وهو يبتسم بذات الابتسامة .  وانصرف لم  يسالني  لماذا انا هنا ؟  وماذا ورائي ؟  وهل لدي شيء احمله اليهم ؟ ..وهو الرجل الثاني بالمقر . كما اني التقيت الرفيق ابو رياض هناك  وقد فاجئني وجوده  ما كنت اعرف انه  انتقل الى الفوج الاول . كان صديقي سالته قال انا هنا من فترة وانا اداري سرية المقر في الوقت الحالي .. ومن هو مسؤولها الاول حسب النظام الجديد  ؟ قال ملازم ازاد  . اين هو ؟ قال لقد غادر المقر اليوم يصحبه الرفيق ابو الياس طبيب الاسنان الى مقر القاطع  .. لا اعرف ماذا كان قصده  ؟, وليس مهم ان اعرف . فالسرية بدون مسؤول  اذن .... سمعت انهم ارسلوا العوائل  والرفاق المرضى والجرحى  صوب  الجنوب  الى منطقة عمل السرية  الاولى  بتجاه سوارة توكا  لكي يلتحقوا بالفوج الثالث  . لهذا ترى الجميع منشغل بالرغم من ان لديهم معلومات عن الطريق فهو مقطوع . فقد جاء من ذاك الطريق الرفيق ابو داوود يزيدي  يرافقه الرفاق  يونس مانكيش  والشهيد ابوعهد . فقد كان الرفيق ابو داوود  في الفوج الثالث جاء برفقة رفيقين   , حسب القاعدة وانا اتيت لوحدي  !! اخبرني الرفيق يونس باليوم التالي  انهم اخبروا القيادة بذلك .. لقد كان لدي نصيب  واكلت مع الرفاق العشاء  وبقيت لا اعرف ماذا افعل  .بعدها التقيت الرفيق  ابو سلام  رضوان  جلسنا بجانب المخزن كانت هناك تنتصب كبرة  واخذنا نتحدث  عن ناس نعرفهم  قبل  ان نلتحق بالجبل  فهم  ليسوا  معنا , حتى حان وقت النوم  سالت ابو سلام اين يمكنني ان انام  قال خذ بطانية من القاعة ونم  في اي مكان  يعجبك فليس  هناك من يرشدك الى مكان  معين .  اخذت بنصيحته  ونمت  فوق سطح القاعة نوم عميق  لوحدي ولا اعرف اين نام الاخرون  حتى صباح يوم 27 اب 1988 .... يتبع